وفي (شكل١) نرى خسرو وهو واقف أمام خيمته بجوار مجرى ماء، وقد امسك بيده اليسرى لبدة الأسد، وتهيأ ليقضي عليه بضربة من قبضة يده اليمنى، والى اليمين أسرع حارس لمعاونته، وقد قبض بكلتا يديه على سيف امتشقه ليضرب به الأسد، ووقفت شيرين وعلى رأسها تاج في مدخل الخيمة تعض يدها وهي تنظر في لهفة إلى خسرو، وإلى جوارها ثلاث من صويحباتها يرقبن نتيجة (المعركة) ورجل من أفراد الحاشية تقدم لنجدة خسرو. ونلاحظ النقوش الجميلة الواضحة على قماش الخيمة من فروع نباتية وزهور وصور حيوانات وطيور. وهذه الصورة هي في مخطوط لأشعار إيرانية، كتب سنة ٨١٣ هجرية (١٤١٠م) للأمير إسكندر سلطان حاكم شيراز، وهذا المخطوط محفوظ في مجموعة جلبنكيان.
هكذا مرت الأيام ومضى الوقت والحبيبان يلهوان بالصيد والقنص، وإقامة الحفلات والمآدب، والاستماع إلى الغناء والموسيقى، ويشعران بالسرور والسعادة في قرب كل منهما للآخر إلى أن كان ذات ليلة وقد عصف الهوى بنفس خسرو واستبدّ به الغرام فلم يستطع كبح جماحه، فقرب منها يريد غوايتها، ولكنها صدته، وهي تذكر ذلك الوعد الذي قطعته على نفسها أمام عمتها (مهين بانو) الطيبة القلب، فاستمدت منه الجرأة لتقسو عليه، وتطلب منه أن يسعى لاسترداد عرش أجداده وأسلافه وينتصر على ذلك المغتصب، وهو ذلك الملك القوي، قبل أن يحاول غواية امرأة ضعيفة مثلها.
وكان لهذه الكلمات أثر شديد في نفس خسرو. ففي صبيحة اليوم التالي رحل قاصداً إلى بلاد الروم، وقلبه مليء بالحسرة المريرة لفراقه من حبيبته الجميلة. وفي الطريق مرّ على دير فيه راهب يتنسك، فقرب خسرو من الدير وقال:(أيها الراهب المتنسك، أني رجل من أهل إيران اقصد حضرة قيصر في رسالة، فأخبرني بما يصير إليه حالي، ويؤول إليه عاقبة أمري. فقال الراهب: أنت كسرى برويز وقد هربت من يد بعض عبيدك، وسيزوجك قيصر بعض بناته؛ ويمدّك برجاله وأمواله فتعود ويهرب عدوّك إلى بلاد بعيدة ثم يقتل بأمرك هناك. فقال: لا كان غير ما ذكرت أيها الراهب، ولكن متى يكون هذا؟ فقال: بعد سنة أخرى، إذا مضت خمسة عشر يوماً من السنة الثانية صرت ملك إيران، وتسنمت التخت ولبست التاج)