وكان قد ما تنبأ به هذا الراهب الصالح، وتوجه خسرو إلى الملك موريس إمبراطور الروم، فاستقبله استقبالاً حسناً، ودعاه إلى النزول في (هيروبوليس) فأقام بها. ثم زوجه من أبنته (مريم) وزوده بجيش قوي، تمكن خسرو بواسطته من أن ينتصر على القائد بهرام جوبين، ويلجئه إلى للفرار إلى خاقان الصين، حيث يقتل بأمر خسرو.
وفي (شكل٢) نرى الموقعة بين الملك خسرو والقائد بهرام جوبين، وقد جلس خسرو في هودج على فيل كبير، وفي يده قوس يسدد منها سهماً. والى جانبه في وسط الصورة معلمه الوزير بُزرجميد الحكيم، وقد ركب على فرس وفي يده اسطرلاب يحدد به الوقت الملائم لهجوم خسرو على القائد بهرام جوبين ليضربه الضرة القاضية. ونرى المعركة حولهما قائمة على قدم وساق، والمحاربون يحملون الأعلام وهم على ظهور الجياد، يتطاعنون بالحراب والسيوف ويتراشقون بالسهام، وقد سقط البعض منهم صرعى على الأرض، وراحت جيادهم تعدوا هنا وهناك وهي حائرة. ويلاحظ ما هو واضح في هذه الصورة، من الحركة والحياة، وما يبدو على سحن الأشخاص فيها من الاهتمام. وهي تنسب للمصور (سلطان محمد) أحد مشاهير مصوري عصر الشاه طهماسب الأول الصفوي، لما فيها من ميزات أمتاز بها أسلوبه في التصوير وهي محفوظة في المتحف الملكي الاسكتلندي.
وللمرة الثانية توّج خسرو ملكاً على إيران بعد فرار القائد بهرام جوبين إلى خاقان الصين، فأرسل إليه خسرو من اغتاله هناك. ولما استتبت أمور برويز وانتظمت أسباب سلطانه، وأذعنت الملوك طوعاً وكرهاً لأوامره وأحكامه، وأظلت على العالمين سحائب عدله وإحسانه، قسّم الأرض أربعة أقسام، وأرسل إلى كل قسم منها أثنى عشر ألف فارس ممن مارسوا الأمور وكابدوا تصاريف الدهر حتى صاروا أفراد الزمان، وآساد الضرابْ والطعان، وأوصى الكل بالتيقظ والتحفظ وحفظ الممالك، وضبط المسالك. ثم رزق من زوجته مريم بنت موريس إمبراطور الروم أبناً دعاه بين الناس (شِيرويَه). ولما ممضى ثلاث ساعات من الليل على ولادته، حضر المنجمون عند الملك، فسألهم عن طالع المولود، فقالوا: أيها الملك، أن الأرض تمتلئ من هذا المولود شراً، ولا يحمد أحد سيرته، وهو يمرق عن الدين، ويخرج عن طاعة رب العالمين. وكان ما تنبأ به المنجمون، ولزم شيرويه نحس طالعه، حتى أمر بقتل أبيه خسرو، ثم مات هو بالطاعون كما سيأتي ذكر