لنفسك ذكرى قد اندثرت وماتت: ذكرى الغاب والدَّغل، ذكرى البراري والفطرة
العقل الباطن: أي هراءٍ هذا؟ أتراني أقوى على مغالطتك. . . لقد كنت تغفوا فأنسل صعداً، وتستيقظ فأنسل هابطاً. أتذكر مرة واحدة خطوت فيها أمامك وأنت يقظ متسنماً قمة النفس - إني لأحترمك ولا أقوى على فعل ما تأباه وأنت يقظ
الرقيب: أنت تخشاني وترهبني فقط. ما اغرب منطقك، انك دائماً تغالط!
العقل الواعي: أرى عراكاً وأسمع صخباً. . . لقد أختلط الوجود حيالي، فلا أكاد أميز شيئاً، من يدري؟ لعله حلم بعيد لم يستكمل نموه بعد
الرقيب: (وقد أقترب صوته واستبان) صه!
العقل الباطن:. . . . . . . . . . . .
العقل الواعي: ما ورائك يا رقيب؟
الرقيب: لاشيء. . . لاشيء. . . إنما كنت أشهد عراك العناصر، عراك الأجيال السجينة
العقل الواعي: ما أراني أفهم عنك
الرقيب: (وقد أخذ صوته يخفت ويبعد شيئاً فشيئاً). . . أحقاب وعصور وأجيال سجينة هناك في الأعماق، تجاهد وتكافح لتصخب وتضج على مسح وجودك لكنها لا تفلح في عبور القناة التي بناها الزمن وأقامتها الحضارة، فتعود لترقص وتدور حول ما يصوره لها وهما أنه الحاضر
العقل الواعي: ما أراني أفهم عنك أيضاً، بل ما أراني أكاد أسمعك
الرقيب: أنه عراك. . . سمه كيف شئت. . . سمه يقظة الماضي، أو سمه حلم الزمن، أو سمه. . .
العقل الواعي: (وقد أخذ يغط في نوم تقطعه يقظة يتلوها إغفاء)
ماذا. . عراك. . . ماضي. . . زمن
العقل الباطن: (مخاطباً الرقيب) ترى ماذا بيني وبينك؟
الرقيب: لاشيء
العقل الباطن: ما كنه هذا العداء الذي تضمره لي؟
الرقيب: من قال إني أعاديك، إني أمنعك فقط