للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لذائذها إلا بأزهد الأثمان، فعادت وقطوفها مرفوعة وممنوعة إلا أعطى المال غير صاغر وكان من أهل الثراء.

يمكن أن يقال: أن المدنية لم تبلغ بعد شأوها، وإنها ما زالت دون المدى الذي تسعى إليه، ولكنها ولا ريب قد بلغت في مختلف مراحلها حداً لم يعد جديراً بها ألا تحسب لأرواح الملايين من الناس أي حساب، وأن تقيم قوة الحديد والنار في موضع التفاهم وتبادل الآراء، دون أن يمنع التقاتل ما أعدته الطبيعة من حواجز أقامتها بفعل الأجيال، ثم انطلقت قوى الخراب واليباب تفعل فعلها في البر والبحر وعلى متون الهواء، واستحر القتل فاخترقت خطوط الدفاع وتناول الدمار كل مرفق من المرافق. تلك ظاهرة ولا كالظواهر: تبعث في نفسي فكرة الانتقاض على هذه المدنية التي لم تستخدم في شيء بأكثر مما استخدمت في إهلاك النسل والحرث. ولست أشك في أن المدنية الحديثة ذات جروح دامية، وأن داءها في نفسها، وأنها الآن يعز عليها الأساة.

(بغداد)

حسين الظريفي المحامي

<<  <  ج:
ص:  >  >>