نفعها عسى أن يعثر بينها على شيء مرجو النتيجة بعد تكرار التجربة مرات
هذا ضياع للوقت وضياع للجهد وضياع للأدب، وعبث تستغني عنه الكفاءة المرجوة ولا نفع فيه لمن خلا من الكفاءة، ويمنعه مع هذا كله أنه غير مستطاع
على أن الأمر خطير جد الخطر من إحدى نواحيه التي يدل عليها، وهي ناحية الروح التي ينم عليها شيوع هذه الأماني والتعلات بين طائفة ولو قليلة من الناشئين
فإنها روح تدل على إعفاء النفس من كل واجب، وإلقاء التبعة على كل كاهل، ونسيان كل حق غير حق الأنانية بغير عناء ولا مقابل
يبدأ الناشئ بالكتابة اليوم ويريد أن يشتهر غداً بمقال واحد أو قصيد واحد ولا نقول بكتاب واحد. فإن لم يشتهر فليس اللوم عليه وعلى طمعه فيما لا يكون ولا ينفع الأدب والناس لو كان. . . كلا، بل اللوم على المشهورين الذين كان ينبغي أن يستأصلوا شهرتهم وأن يكفوا عن الكتابة وأن يفرغوا جهودهم وجهود قرائهم لشهرته هو دون غيره من الشيوخ والكهول والناشئين، وإلا كانوا محتكرين للأدب الذي يحق له هو أن يحتكره ولا يحق ذلك لأحد من العالمين!
وهؤلاء الأدباء المشهورين (الشيوخ) ما لزومهم في هذه الدنيا؟ ما لزوم تجاربهم الماضية ودراساتهم الطويلة وجهودهم المضنية وحياتهم التي يعيشون فيها أبداً بين الأذى والإنكار والكنود؟
هل لهم لزوم في نفع أنفسهم ونفع قرائهم ونفع الأدب بالاطلاع على المفيد المضمون؟
كلا. ليس لهذا كله لزوم. . .! وإنما هم لازمون لشيء واحد وهو شهرة من يريد الشهرة العاجلة على شريطة أن يشتهر وحده ولا يشتهر واحد من أنداده في السن والقدرة!!
وهل لهؤلاء الأدباء الشيوخ حق؟ هل لهم فضل يجب الاعتراف به على أحد؟
معاذ الله. . . من أين لإنسان غضب الله عليه فنشأ في الدنيا أديباً شرقياً أن يطمع في حق أو في اعتراف؟
إنما عليه أن يقرأه القارئ الناشئ عشر سنين وعشرين سنة ولا يقول له مرة واحدة أحسنت واستحققت من الكرامة والثناء؛ ولكنه هو عليه أن يقف على باب كل مطبعة ليتلقف منها كل كتاب ألفه كل شاب في العشرين فلا ينام ليلته قبل أن ينفخ كل بوق ليقول