أيكون آخر ما عندها من الأصناف؟
إن درس اليوم هو الفَيْصل في معضلات النقد الأدبي، وسيعرف به قاف الثقافة ما لم يكن يِعرف، وسيذكرنا بالخير الجزيل إن كان من الصادقين
وإلى قراء الرسالة أحتكم، وفيهم ألوف من رجال الأدب والبيان. . . قال الشاعر المجهول:
أبحتُك من قلبي نفائس عطفه ... وحِّررتُ فيك المال منِ ربقةِ الضَّن
وقلتُ مثالٌ من جمالٍ أصونهُ ... فيسلم من إفك الزمان ويستغني
فلم تر صدري من سهامك في حمى ... ولم تر جيبي من نصالك في أمن
وعشتُ يريني الحبُّ أنك حافظٌ ... عهودي وأن الخُلد بعض الذي أَبني
فلما رأيتَ الوجدَ يغتال مهجتي ... وأيقنتَ أني من غرامك في سجن
مضيتَ إلى غيري جهاراً وخنتني ... فمن أيّ وحلٍ صيغ طبعُك خبّرني
تلك هي القطعة التي اعترض عليها قاف الثقافة، وقد اخترمها اختراماً ليخفي عن قرائه مقام البلاغة في الكلمة التي ثار عليها عقله الحصيف
فما تلك الكلمة؟ هي كلمة (وحل) فقد رآها كلمة قبيحة لا يجوز ورودها في قصيدة من قصائد التشبيب!
وأقول إن كلمة (وحل) هي أبلغ كلمة في هذا المقام، ولا يستطيع (قاف) أن يأتي بكلمة أقوى منها
وكلمة (وحل) وردت في قول مسلم بن الوليد:
مشينا بها مَشيَ المقيَّد في الوحلِ
فعدَّها القدماء أبلغ كلمة في هذا السياق
وقبل ذلك وردت في قول الأعشى
تدِبَّ كمْشي القطاة القطو ... ف في وَحلَ الَّنهى تخشى رقيبا
وأقبح من كلمة (وحل) كلمة (مستنقع) وقد عُدَّت أبلغ كلمة في قول شوقي وهو يذكر ما أنعم به السلطان على الضفادع:
وزاد أن جاد لمستنقَعٍ
وقبل ذلك وردت في قول أبي تمام