يمكن أن يبت فيه غيره هو. ولا أضن أن هناك من الأدباء الناجحين من سار على طريق مفترح. والحال في هذا كالحال في جميع الأشغال والأعمال، فلا يفرض النجاح لعمل ما إذا كان ذلك العمل غير مرغوب فيه، وإذا لم يكن الإلهام من المجهول هو السائق الأول له
- لماذا فرضت أن يكون العمل غير مرغوب فيه تقليداً؟ قد تجيد عملاً ما ولا تدري أنك تجيده حتى يتضح ذلك بمناسبة ما!
- إن ميلي إلى كتابة القصص الصغيرة ليس من هذا النوع، فإني لم أكتشفه في نفسي اكتشافاً، بل رأيتني مدفوعاً إليه
- وكيف كنت تشعر عندما كتبت أول قصة؟
- لا أذكر أول قصة كتبتها، ولكني أذكر أول قصة لي نشرت، وقد كانت سخيفة!
- لم أكن لأستغرب هذا القول منك، ولن أستغربه إذا سمعتك بعد عشر سنوات تقول عن قصتك التي نشرت أمس سخيفة! أن في كتابة القصص لمجالاً كثيراً للسخف، والغريب أن أول من ينبه إليه بعد فوات الوقت هم كتابه!
رأيت صاحبي يتقبل هذا التهجم بصبر وأناة، ويحاول أن يدور بالحديث غير مداره، ولعلها هي الأخرى أدركت أنها كانت قاسية بعض القسوة في قولها ذاك فأردفته قائلة:
- كنت أقصد أن أقول هذا على سبيل المدح لكتاب القصة لا على سبيل القدح فيهم، فالحق أن الاعتراف لا يكون أكثر تجلياً مما هو عليه لدى أرباب القصة
فقال صاحبي:
- لعلك صادقة في قولك هذا إن (دستوفسكي) مثلاً لم يكن يتسنى له أن يبلغ من الفن تلك الذروة التي بلغها لو لم يكن كما وصفت. وكذلك (ل. هـ. لورنس) - من كتابكم - فهو من عباد الواقع ومن أربابه الذين خدموه
فسألته وتقدمت إلى الأمام قليلاً، وكأنها تريد أن تدعوه إلى معركة:
- هل تحب (لورنس)؟
- كثيراً جداً
- وماذا يعجبك في فنه؟
- إذا طرحنا بيانه الرائع وقدرته الفنية على الأداء جانباً، فإني أعجب، بالإضافة إلى ذلك،