باتجاهه الأدبي، ولعلي من الزمرة الذينَ يسمونه بالنبوة بين كتاب جيله!
- لعلك مغرق في تحمسك. . . إن (لورنس) أديب ولاشك، ولكنه ليس كما وصفته. إنه أديب منافق! ولكني لا أريد أن أجادلك في موضوع (لورنس) بل أود أن تشرح لي كيف تكتب قصصك
- إن كان قصدك وصف الكتابة ونوع المؤثر الذي يحدو بي إليها، فإني في الحقيقة لا أقدم على كتابة قصة قبل أن ينزع بي نازع إلى الكتابة. ولا أظن أن وضعي في ذلك يختلف كثيراً عن وضع الشاعر عندما تتكون فيه الرغبة إلى نظم القصيد. وفي أكثر الأحيان أراني أكتب قبل أن يتكون في مخيلتي كيان القصة أو عمودها الفقري كما يصطلحون!
فسألته المحدثة بابتسامة غامزة:
- ألا ترى أنك تخلق من أبطال قصصك مخلوقات مبتسرة! أليس هذا الإنشاء اعتباطاً؟
فأجاب صاحبي القصص وكان قد رفع قدح الشاي إلى فمه فأنزله مسرعاً:
- إني لا أعدو في ذلك ما تصنعه الطبيعة في خلق أبنائها! وأضن أن مهمة الفنان في هذه الحياة هي أن ينوب عن الطبيعة الأم فكأن هذا الجواب أرضاها، فقالت وهي تهز رأسها هزة الموافق:
- ذلك صحيح. . . وماذا عن العقدة
- هنا موضع الخلاف كما يقولون، فأنتم في الغرب تقيمون لها الوزن كل الوزن؛ أما نحن هنا فقليلاً ما نعني بها عنايتكم هذه، وأضن أنك تلاحظين أن آداب الأمم الغربية القريبة إلى الشرق أقل نزوعاً إلى (القعدة) في قصصها منها في الأمم الضاربة إلى الغرب. وأقرب مثال إلى ذلك في نظري هو الأدب الروسي الذي نستطيع أن نقول: لا عقدة فيه
- ولكن أدبكم على ما أسمع ليس فيه ذلك العمق الموجود في الأدب الروسي
- ذلك لأن أدبنا لا يزال في طور التكوين
- وقد كان الأدب الروسي كذلك في بداية أمره، ولكنه لم يكن كأدبكم هذا الذي نسمع به ولا نستطيع أن نراه. إن نقدة الأدب عندنا يرون أن أدبكم العربي المعاصر لا يمكن نقله على صورته إلى اللغات الأخرى، وعلى الأخص منه الشعر، وليس كذلك الأدب الروسي أو غيره