للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والمدهشات، كتاب حقيقة، لأنهم ليسوا ككتاب القصص (المعبرين) يبحثون عن المدهش في عالم من الخفاء، بل يلتزمون جانب الواقع، ويستمدون المدهش من شغف خالص بالواقع، ويستخرجون من الواقع قصصهم وغالباً أشخاصهم العنيفة المدهشة

ونستطيع ان نضع بين هؤلاء اميل لدفيج، فهو يميل إلى الخوارق والمدهشات، ولكنه يصوغها في أسلوب عادي، بل أحياناً في أسلوب ركيك مبتذل.

وينتمي إلى هذه الحقيقة الخشنة، أيضاً كتاب قصص الحرب المتأخرين، الذين نالوا حوالي سنة ١٩٣٠ شهرة عالمية، ونذكر من هؤلاء رين، وجليزر، وريمارك. فان كتبهم إنما هي وثائق، ولكنها ليست رفيعة من ناحية الفن الأدبي

ويجدر بنا أن نشير أيضاً إلى كاتب مستقل اللون ولكن يتصل بحركة التعبير، وهو الفرد ديبلن، وهو طبيب اجتماعي في برلين، ففي كتابه المسمى (برلين ميدان اسكندر) يصور وقائع حياة عامل نشأ في بيئة المدينة على نمط سينمائي، متأثراً في ذلك بأسلوب جيمس جويس

- ٧ -

وإنا لنصارح القارئ بأن ما أوردناه عن الحياة الأدبية الألمانية بعد الحرب لا يكفي إلا لشرحها بصورة موجزة جدا. فإذا كانت حركة التعبير قد اضمحلت وعفت بسرعة، وإذا كانت النزعة الجديدة إلى الحقيقة برغم ما أنتجت من مواهب قليلة لم ترتفع إلى اكثر من مستوى متوسط، فليس علينا أن نعتقد أن الحياة الأدبية في هذه الفترة كانت ضئيلة. ولقد تحدثنا فيما قبل عما وجه من الاهتمام ولا سيما من جانب الطبقات الوسطى إلى مسائل هذا العصر الفلسفة والسياسة، وقلنا أن حركة التعبير لم تصمد لأن مناهجها لم ترق في عين المفكرين الحقيقيين، وأنها اتخذت للتعبير عن الأزمة الفكرية التي هزت أركان بلاد العالم كلها بلا استثناء، وهزت الرأي العام الألماني حتى بعد سنة ١٩٢٤ بما اقترن بها من الضغط السياسي والاقتصادي.

ولقد كانت المصائب المادية التي ترتبت على الهزيمة سبباً في أن هذه الأزمة العقلية وقعت في ألمانيا قبل أن تقع في غيرها من أمم أواسط أوربا وغربها وفي أنها ربما كانت أعم وأعمق أثراً. اجل لقد حولت هذه الهزيمة ألمانيا في بضعة أشهر من أقوى دولة في أوربا

<<  <  ج:
ص:  >  >>