أدبية أن يتوهم أن في الدنيا حظاً أعظم من حظوظ أرباب الأقلام؟
وصديقنا توفيق يقول بعبارة صريحة إنه لا يجد أسرة تعطف عليه، فتزوِّجه بُنية يسكن إليها وتسكن إليه، لأن الشهرة الأدبية أضافته إلى المشبوهين!
غضبة الأدب عليك، يا توفيق! فما أوذيَ الأدب بأقبح ولا أبشع ولا أفظع مما جرى به قلمك الأهوج
وبمن تثق الأسر الكريمة إذا لم تثق برجال الأدب الرفيع؟
ولأي فارس تخضع المرأة النبيلة إذا فاتها الخضوع لأحد فرسان البيان؟
أتقول هذا الكلام يا توفيق في مجلة مثل الرسالة وهي عنوان الفحولة الأدبية، ثم تنتظر أن نراعي أحزانك فلا ترد عليك؟
وأرجع إلى الموازنة بين حال القاضي وحال الكاتب فأسألك: أتعتقد مؤمناً بأن القاضي يخدم العدالة بأكثر مما يخدمها الكاتب؟
قضاة مصر جديرون بالاحترام والتبجيل، فالشكوى من الفوضى مست أكثر الهيئات ثم استحيت فلم تمس رجال القضاء
ومع هذا فلا يسيغ ذهني أن يكون القاضي العادل أشرف من الكاتب الصادق، إلا أن يتبذل الكاتب فيقترح زواج هتلر من أم كلثوم لتنتهي الحرب!
أيهون الأدب على أهله إلى هذا الحد من الهوان البغيض؟
أيكون اليأس من الاقتران بامرأة لها سيارة وعمارة باعثاً على الضجر من صحبة الكتاب والخطباء والشعراء؟
أيكون (نفوذ) طه حسين شيئاً يُخاف فتُحبر فيه المقالات الطوال العراض؟
آه ثم آه!!
لو كان بيدي شيء من الأمر لقضيت بنفي توفيق الحكيم إلى جزيرة واق الواق، ليغرق أبناؤنا وتلاميذنا أن للأدب سيطرة سماوية تبغض التأدب مع غير صاحب السماء
أنت في جماعتنا دخيل، يا توفيق، لأنك تقدِّم علينا رجال القضاء، ولأنك تتهيّب أصحاب النفوذ، وبين النفوذ والنفوس جناس معلول، إن كنت تذكر المبادئ من علم البديع
مقالك الحزين كاد يبكبني، يا توفيق، ولكني تجلدتُ وتماسكت، فراراً من الرثاء لك والبكاء