وأحسنَ أخونا الزيات فيما صنع، فما أدري كيف كنت أثبُت أمام ضميري لو نُشرت كلمتي كاملة ثم ظهر أن أخانا الحكيم يطوي صدره على تلك الأحزان السّود.
لطف الله بي فنجاني من هول هذا الموقف بفضل حكمة (المهاجر الرفيق)، فله الحمد، وعلى المهاجر الثناء.
ولكن يظهر أن أحزان توفيق الحكيم لن تنجيه من (الوقوع في قبضة الأديب الفلاح) فسأسمعه اليوم كلاماً يسرّه في حين ويحزنه في أحايين، وفقاً لحالته النفسية وهو يقرأ ما أقصّه عليه بلا تخويف ولا ترهيب.
دار الأستاذ الحكيم في رده على الأستاذ العقاد حول (نفوذ) الدكتور طه حسين، فماذا يريد أن يقول؟
هل يتوهم أن (نفوذ) الدكتور طه تميمةٌ تعيذه شر أقلامنا إذا رأيناه أنحرف عن المقبول من شريعة الأدب الرفيع؟
وما احتياجُنا إلى (نفوذ) الدكتور طه حسين، ونحن نعرف أن ذلك النفوذ بلاء عليه، لأنه يبعده منا ويقرّبه إلى سوانا، وفردوس الأدب هو النعيم الباقي على الزمان.
يستطيع الدكتور طه بكفايته العلمية أن يكون أكبر موظف في الحكومة المصرية، ولكنه لا يستطيع الزعم بأن سلطان القلم يفوقه أيّ سلطان.
لقد أبيت أن أهنئ الدكتور طه بمنصبه الجديد في وزارة المعارف، لأني كرهت أن يقاس الفوز بمقياس الوظائف، ثم سارعتُ فهنأته بكتاب (الحب الضائع) لأغريه بالمضي في هذه الطريقة من طرائق التأليف، ولأُفهمه أني لا أقيم وزناً لغير محصول الأقلام الجياد.
الدكتور طه رجلٌ ضرَّار نفَّاع، ولكن من العيب على حامل القلم أن يرجوه أو يخشاه، فما هذا الذي تقول يا عمّ توفيق؟!
أترك هذا وأنتقل إلى مشكلة أساسية، وهي مشكلة قد تخرج الأستاذ الحكيم من فردوس الأدب الرفيع
صديقنا توفيق يتألم ويتوجع، لأن شهرته الأدبية أبعدته من الانخراط في سلك رجال القضاء. فما معنى ذلك؟
معناه أن هذا الرجل يعيش بين رجال الأدب عيش الغرباء، وإلا فهل يجوز لكاتب له عقيدة