واللّقلق: منقاره إلى حوصلته، ساكن فوق قدمه النحيلة يقرأ على قاعدة بعض الأعمدة الألقاب المقدسة للمعبود (توت)
والضبع يضحك، وابن آوى يموء، والصقر كأنه فاصلة سوداء في صفحة السماء النقية - جائع يصرصر، راسماً دوائر في الهواء
ولكن ضوضاء هذا القفر يحجبها تثاؤب تماثيل أبي الهول متعبة من احتفاظها السرمدي بالسكون
ضجر خلقته الأشعة البيضاء، تنعكس فوق الرمال، والشمس المتلألئة على الدوام، وأي ضجر يشبه ما يبعثه نور الشرق الحزين!
هنا الهواء لا يجفّف يوماً دمعة في عين السماء الجامدة، والزمن متعباً يتكئ على هذه القصور الصامتة
ليس عندي ما يغيّر وجه السرمدية، فمصر في هذا العالم الذي يتغير فيه كل شيء، تتربَّع فوق عرش الثبوت
عندما يساورني الضجر، أتخذ الفلاحين والموميات التي عاصرت رمسيس رفقاء وأصدقاء
هأنذي أرى عموداً مائلاً، وتمثالاً ضخماً بلا وجه، وزوارق ذات قلاع بيضاء صاعدة هابطة في النيل
كم أتمنى أن لو كنت كأختي، قد نقلت إلى باريس العظيمة وغرست هناك في ميدان، قريبة منها لأتسلى!
إنها ترى هناك شعباً حيّاً واقفاً يتأمل نقوشها وخطوطها المقدسة التي يسبح الفكر لدى قراءتها في عالم الأحلام. . .
الفوَّارتان المقامتان بجانبها تقذفان رذاذهما الملوَّن بألوان قوس قزح على غبار صخرها القرمزي الذي عاد إليه الشباب. . .
لقد نحتت مثلي من الصخور الوردية بأسوان، غير أنني بقيت في مكاني القديم. إنها حية. . . أما أنا. . . فقد مت!!
(حلوان)
أحمد أحمد بدري
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute