بجانبي، أنا المجروحة الكبرياء، برؤية عربة الكراء، مقلة آخر ملوك فرنسا
قديماً أمام حجري العتيق، كان الكهنة الأبرار، وقلانسهم على جباههم، يتمشون في المحراب المقدّس الخفيّ ذي الرّموز المصوّرة المذهبة.
أما اليوم فأنا عمود ليست له قداسة الدين، أقيم بين فوارتين، وتمر بي بنت الهوى صريعة في مركبتها.
أرى طول العام مواكب الموسرين، وأتباع صولون ذاهبين إلى دار النيابة، والفجرة منطلقين إلى غابة بولونيا.
أفّ! في مائة عام أيّ هياكل عظمية قبيحة، سيصير إليها هذا الشعب الماجن المجنون الذي يرقد من غير لفائف، في ناووس يغلقه مسمار!
ليس له تحت الأرض مقابر في مأمن من الفساد، تلك المراقد التي ينام فيها الموتى جيلاً بعد جيل.
أيتها الأرض المقدسة، أرض الهيروغليف، وأرض الأسرار الكهنوتية، حيث آباء الهول تشحذ مخالبها على زوايا قواعد التماثيل
وحيث النواويس ترن تحت الأقدام، وحيث العقبان تبني عشاشها. إنني أبكيك يا مصري القديمة بدموع من جرانيت.
٢ - مسلة الأقصر
هأنذي أسهر حارساً وحيداً لهذا القصر الكبير الخرب في وحدة أبدية وأمام اللانهاية، تنشر الصحراء تحت الشمس المحرقة ملاءتها الصفراء إلى أفق لا يحده شيء، أفق مجدب صامت لا نهاية له
وفوق الأرض العارية تبدو السماء - وهي صحراء أخرى زرقاء - نقية تامة النقاء لا تسبح فيها قطعة واحدة من السحاب
النيل ذو المياه الكدرة التي ينعكس الضوء فوق أديمها، كأنما هو قشرة رصاصية - يلمع تحت أضواء عمودية شاحبة، مكسر الصفحة بفرس النهر
والتماسيح الشرهة إلى الأقتناص، تكاد تنضج في جلودها فوق الرمال الملتهبة، تغرب في الضحك، وتخالها ترسل الزفرات