تلك هي الموهبة المتفردة التي تجعل (العقاد) دارس شخصيات، لأنه هو نفسه شخصية واضحة المعالم والسمات
وفي هذا الكتاب الأخير (عبقرية محمد) تتجلى هذه الموهبة على أتمها وأكملها، وينضج نضجها واستواؤها على فصول الكتاب وجمله وفقراته. فهو من هذه الناحية أدل ما يكون على اكمل موهبة من مواهب (العقاد). فأما تفصيل ذلك، فعند الكلام عن الكتاب
وأما (بيجماليون) فيستوي فيه كذلك توفيق الحكيم على نهجه في (أهل الكهف) و (شهر زاد) بعدما بعد بنفسه طويلاً عن هذا النهج: حوار، حول مشكلة من مشاكل الفكر الإنساني. . . كم بلغ في هذا الحوار من الإجادة، كم خطا فيه إلى الأمام أو إلى الوراء؟ هذا ما يتبين في الحديث الخاص عن هذا الكتاب
وأما (دعاء الكروان. وعلى هامش الحب) فجدولان جديدان في إنتاج الدكتور طه حسين، ولكنهما ينبعان من نفس المعين الذي نبعث منه (الأيام). إلا أنهما مقدرة جديدة في هذا الاتجاه. فقد كنت أعجَبُ - ولكن لا أرى عجباً - في أن يكتب الدكتور (الأيام) فيصور خلجات نفسه وهواجس ضميره، ويتلمس وقائع حياته ويلم بحوادث أيامه. أما أن يصور خلجات نفس أخرى وهواجس ضمير آخر، وأما أن تكون تلك النفس نفس امرأة، وهذا الضمير ضمير امرأة - بل امرأتين بل امرءات! - وأما أن يطرد هذا التصوير بنفس القوة والعذوبة والوضاحة التي في (الأيام) فهذه هي المقدرة الجديدة التي سيبين عنها المقال
وأترك القارئ الآن وقد علم لماذا اخترت أن أجمع بين هذه الكتب وبين هؤلاء الأشخاص. وفي الأسبوع القادم سآخذ في الحديث الموضوعي إن شاء الله