فهل لنا أن نثق الآن بهذه المصادر بعد أن وقعت جميعها في هذا الخطأ البيِّن؛ ودلت على أنها تتوارث الأغلاط كما يتوارث الناس المرض الدسيس؟. . .
هذا شيء. . . والشيء الآخر أن هذه الأبيات الغزلية تتردَّد في نسبتها بين السلطانين: أحمد وسليم تبعاً لاضطراب الروايات واختلافها؛ ثم هي مسروقة - أو جزءُ منها على الأقل - من أبيات للملك الصالح طلائع بين رزيك، كما يشير إلى ذلك مقال الأستاذ. . . فأي هذه الأقاويل أولى منا بالتصديق؟ بل أيها أبعد عن تهمة الكذب والتلبيس؟
. . . أخيراً يجيبني الأستاذ عن مسألة التخميس بقوله:(جواب هذا السؤال وارد في المخطوط من أنها للسلطان أحمد فيكون هو نفسه قد خمسها بعد ما زاد عليها تلك الأبيات، وبينها أبيات الملك الصالح الثلاثة) وأنا ما علمت قبل اليوم أن شاعراً يخمس لنفسه شعراً!
والأبيات بعد كل هذا ليست مما يستحق طول النقاش أو دقة التحري؛ فلا هي من جيد الشعر ولا من متوسطه، وإنما هي إلى المتكلَّف أقرب وفي باب المصنوع أدخل. وإذا كان لنا أن نخرج بثمرة من كل ذلك، فلتكن هذه الثمرة في اعترافنا بأن كتبَ التاريخ القديمةَ عندنا في حاجة إلى تحليل دقيق وتمحيص وافٍ نتميز بهما غثها من سمينها؛ وإلا فالكفُّ عن قراءتها وتركُ الاعتماد عليها أولى وأحرى. . .
ولنشكر أستاذنا الفاضل عبد الله مخلص الذي أتاح لنا ببحثه القيم، أن نسوق مثلَ هذه الكلمة الصريحة.
(جرجا)
محمود عزت عرفة
١ - حول لبس القبعة، نصوص نواهض
قرأت الفتوى التي نشرها الأستاذ المدني في العدد ٤٦٧ من مجلة الرسالة، فرأيت أن أذكر القارئ بما أورده الإمام البيضاوي في تفسير: (وإنما عد ليس الفيار - أي الشعار - وشد الزنار ونحوهما كفراً لأنها تدل على التكذيب، فان من صدق الرسول صلى الله عليه وسلم