للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثياب، واصطكت منه الأسنان، وامتدت منه اليدان ترجوان مأوى وملجأ، قلت في حيرة:

- تفضل

قال وهو يوصد الباب وراءه:

- شكراً

قلت أحاوره:

- ما دفعك على السير والعاصفة في نشوتها سكرى تحطم وتخرب؟

قال:

- إنما كنت في طريقي إلى دار مولاي السيد السنوسي

السنوسيون

إني أعرفهم وإن لم أكن قد رأيتهم بعد. . .

عرفتهم في مجدهم وإيمانهم وسحرهم الذي بسطوه على هذه الصحراء، فإذا كل ضارب في أرجائها ودروبها، وكل سار في لياليها وأمسياتها صديق لهم أو رفيق أو تابع

عرفتهم من هذه الصورة الحلوة التي رسمها لهم رحالتنا الكبير أحمد باشا حسنين (في صحراء ليبيا)

وعرفتهم مما كتبته عنهم (روزيتا فوربس) في مغامرتها في الصحراء الغربية مع رحالتنا، حينما ضلا طريقهما وظلا بين الحياة والموت أياماً كانا فيها كالمشرق على هاوية، يروعه عمقها وترعبه ظلمتها، وهو على حافتها، يهتز ويتأرجح في فزع مميت، ولقد نجت ونجا صاحبها، وأهدت كتابها إليه

وعرفتهم من أحاديث رفاقي عنهم بعد أن تركوا ديارهم، واحتموا بمرسى مطروح من عذاب الاستعمار وشره

وعرفتهم مما كتبت عنهم الصحف في قتالهم للمغتصب الفاتك

وعرفتهم في احتمالهم الأذى، واصطبارهم عليه وتجملهم له وعرفتهم بعد ذلك، ولقيتهم وصحبتهم طويلا. . .

صاح رفيقي وكأنما هو يقرأ كل ما يدور بخلدي:

- أتعرفهم

<<  <  ج:
ص:  >  >>