وأدباء الشرق والغرب. وفي هذا الوسط شب على حب جمع الكتب والتفنن في اختيارها واقتنائها، حتى بلغ ما جمعه في خزانته ١٥. ٠٠٠ كتاب في نحو ٢٠. ٠٠٠ مجلد أكثرها من المخطوطات. ويؤكد الأستاذ حسن عبد الوهاب - وقد كان على اتصال به - أن (هذا العدد من الكتب قد اطلع عليه رحمة الله وعلق عليه ملاحظات له، ما بين وفاة مؤلف أو بيان ذيول وضعت على الكتاب، أو الإشارة إلى قوة المؤلف والاعتماد عليه في النقل) مما يدل على سعة اطلاعه وحبه للآداب والعلوم والفنون.
وكان رحمه الله دقيقاً في بحوثه العلمية، متوفر النشاط، يكثر من الكتابة والتأليف. وله مقالات كثيرة في اللغة والأدب والحضارة العربية والتاريخ الإسلامي، نشرها في جرائد ومجلات عديدة: كالمؤيد والضياء والمقتطف والمقطم والأهرام والهلال والهندسة والزهراء والهداية الإسلامية. أما ما ألفه من كتب فكثير، ولم ينشر بعضها بعد، وإني أذكر البعض مما نشر منها مثل: تصحيح لسان العرب، تصحيح القاموس، نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الأربعة وانتشارها، أبو العلاء المعري، تراجم أعيان القرن الثالث عشر وأوائل الرابع عشر، قبر الإمام السيوطي وتحقيق موضعه، وأخيراً كتابه الفذ التصوير عند العرب
وناشر هذا الكتاب - الدكتور زكي محمد حسن - غني عن التعريف، فقد تسنى لي أن أنشر على صفحات هذه المجلة حواراً علمياً بيني وبينه، قابله بما نعهده فيه من ترحاب وسعة صدر! والمؤلف والناشر يتشابهان في بعض الصفات كل على طريقته الخاصة وطريقة عنصره. فكلاهما من هواة جمع الكتب، الأول صاحب الخزانة الشهيرة في الشرق والغرب، والثاني كوَّن لنفسه مكتبة في الفن الإسلامي يتمنى الكثيرون - ومنهم كاتب هذه السطور - اقتناء مثلها. وكلاهما واسع الاطلاع، الأول يحفظ بالذاكرة ويدون ملاحظاته في (كراسات) للرجوع إليها، والثاني يعتمد في بحثه العلمي على طريقة (جذاذات الورق) - وإني أفضل الجمع بين الطريقتين. وكلاهما معتد بنفسه وبمركزه العلمي، الأول في تواضع، والثاني فيما تفرضه مقتضيات عصره من كبرياء لا ذنب له فيها
ولا غرابة إذن أن يقول الناشر في تصدير الكتاب: (إن المؤلف كان حجة في اللغة والأدب، واسع الاطلاع على كتب التاريخ والبلدان، نافذ البصيرة، دقيق الملاحظة. فكان طبيعياً أني لم أجد في متن الكتاب ما يحتاج إلى تقويم أو تصويب من الناحيتين الأدبية