والتاريخية، ولكن دراسة الفنون والآثار الإسلامية لم تكن ناضجة في مصر حين كتب فصول هذا الكتاب ولم يكن المؤلف - رحمه الله - أخصائيا وثيق الصلة بالدراسات الفنية في الغرب، فدفعني هذا كله إلى الإقبال على التعليقات والدراسات الفنية مع توضيح الكتاب بالصور)
والحق يقال إن القارئ لا يدري هل هو تواضع المؤلف الذي يطغى على هذا الكتاب مع ما نراه من غزارة مادته في ناحيتي الأدب والتاريخ، أم كبرياء الناشر وما أظهر من سعة الإطلاع في تعليقاته ودراساته الفنية. وما الأدب والتاريخ سوى دعامتي الفن الإسلامي، بهما يثبت قوامه، وبدونهما تتقوض أركانه
وإني لا أجد لتوضيح ذلك أقوى مما قاله المؤلف في صلة الشعر بالفن، فهو يقول في مقدمة الكتاب:(وقد اعتمدت في كثير مما ذكرته على الشواهد الشعرية، لأني وجدت الشعر أصدق قيلاً وأفصح بياناً في هذه المواضيع، فالشاعر إذا وصف فإنما يصف شيئاً موجوداً وقع عليه نظرة فرواه لنا كما رآه، ولأنه يجتهد في تقريبه للأذهان فيصور من دقائقه في شعره ما لا تصوره عبارة أخرى، لا يقصد منها إلا رواية خبر ربما لا يهم راويه إلا ذكر جملته دون تفصيله)
وبدأ المؤلف كتابه بأنواع التصوير فذكر منها ما كان على الجدران والثياب والستور والأقداح والأواني والمصابيح والأثاث والسلاح والنقود والشارات والبنود، وفي الكتب والصحف والألواح. ثم أتبعها بذكر التماثيل على أنواعها من ثابتة ومتحركة ومصوتة بأنواع الحيل وتماثيل الحلوى والزهر والحقول واللعب وتماثيل الصبيان، وأتى بعد ذلك على ما عثر عليه من أسماء المصورين. ويقول في ذلك:(وفي هذا الفصل ما يدحض قول القائلين بقصور العرب في هذا الفن البديع)
ويقع هذا القسم من الكتاب في ١١٤ صفحة هي متن الكتاب الذي حرره المؤلف مع الحواشي التي خطرت له. وليست قيمة هذا القسم في قلة عدد صفحاته أو كثرتها، بل فيما تحتويه هذه الصفحات من بيانات ونصوص، تدل على ما بذله المؤلف من جهود كبيرة ليجمعها من بطون الكثير من الكتب المطبوعة والمخطوطة. وليس أدل على ذلك من قول المؤلف في مقدمته: ثم لا يخفى على من عانى أمثال هذه المباحث أعتياص هذا الموضوع،