والتواؤه على محاوله، لتشتته بين تضاعيف الأسفار بعد ذهاب ما كتب عنه، وجمع فيه. فلا غرو أن يعد صغيره كبيراً، ويسيره كثيراً، وألا يُستهان بما يظفر به منه، فإنه إن لم ينقع غُلَّة، ويصرح عن المحض، فلا أقل من أن يتخذ أُسًّا يبنى عليه)
وقد تحققت نبوءة المؤلف هذه واتخذ الكتاب أُسًّا وبُني عليه، وجاءت تعليقات الناشر ودراساته الفنية متممة لهذا (الصغير الكبير، واليسير الكثير) فرد النصوص إلى مصادرها، ووضح الكتاب بالصور، وعمل على إعداد فهرس هجائي طويل لمتن الكتاب وما كتبه من تعليقات وما رجع إليه من مصادر، وإني أشاركه رجاءه في أن يقبل المؤلفون على عمل مثل هذا الفهرس فيما يكتبون وينشرون
ولعل الناشر ظن أن ذكرى مؤلف الكتاب لا تزال حية في قلوب أفراد الجيل الحاضر، فرأى أن ذلك قد يعفيه من الترجمة له، على غير المألوف في نشر المخطوطات. وقد كنا نود لو أن الناشر كان قد افتتح هذا السفر الجليل بترجمة وافية لمؤلفه - رحمه الله - يجمع فيها شتات ما قيل وكتب عنه، لتبقى ذكراه خالدة مع كتابه، لنا وللأجيال القادمة. وإني أرجو أن يحقق الناشر هذه الرغبة إذا أُتيح له أن ينشر من هذا الكتاب طبعة ثانية
وتكلم الناشر في تعليقاته (ص ١١٩ وما بعدها) عن موضوع (حكم التصوير في الإسلام) وأراد أن (يفند الحجج التي يسوقها أصحاب القول بأن التصوير لم يكن مكروها في فجر الإسلام). فحلل هذه الحجج تحليلاً علمياً ورد عليها. وقد تكون لي عودة لمناقشة هذا الموضوع في مقال آخر
وقد توخى الناشر الدقة التامة في تعليقاته وفي توضيح ما نشره من الصور؛ وليس أدل على ذلك من صورة لشخص على دعامة وجدت مدفونة تحت قاعة العرش في قصر الجوسق بمدينة سامرا، وصفها الناشر:(ص ١٤٣ وحاشية ١) بأنها لامرأة (تحمل على كتفيها عجلاً)؛ ثم قال في الحاشية: إن (أكبر الظن أن هذا الرسم توضيح لقصة فتنة محظية بهرام جور) وبعد أن سرد هذه القصة اختتم الحاشية بقوله: (ويرى القارئ صورة لهذا المشهد العجيب في مخطوط من المنظومات الخمسة للشاعر نظامي، كتب في تبريز للشاه طهماسب)؛ وقد بدا للناشر بعد ذلك أن يغير رأيه في شرح هذه الصورة فقال:(ص ٢٥٣ وحاشية ١) إن هذا النقش (قد يمثل سيدة تحمل فوق كتفيها عجلاً، فيكون ذلك توضيحاً