والأستاذ توفيق الحكيم هو الذي أعلن الندم على الانتظام في سِلك الحياة الأدبية، وكان في مقدوره أن ينخرط في سِلك الحياة القضائية، فهل يغضبه أن نعترض عليه فنقول: إن رجال الأدب يؤدون لأوطانهم خدمات تفوق ما يؤديه رجال القضاء، وإن القاضي لا يستطيع القول بأنه أعظم من الأديب؟
إن الأدب جعل من توفيق الحكيم شخصية يتكلم عنها الزيات والمازني والعقاد، فهل كان يظفر بمثل هذا الحظ لو أصبح من رجال القضاء؟
وقد عِبتُ عليه أن يبديء ويعيد في الكلام عن نفوذ طه حسين، وكانت حجتي أن الأديب يقتل نفسه بيديه حين يفرح بالمناصب الرسمية، لأن المنصب الحق للأديب هو الفناء في خدمة المعاني الروحية والعقلية. فماذا يملك الدكتور طه لنفسه حتى نرجوه أو نخشاه، إلا أن نكون في إيمان الرجل الذي وضع في سيرة الرسول (رواية تمثيلية)، وهو رجل يعرفه هذا الصديق الغضبان؟!
وعِبتُ على الأستاذ توفيق الحكيم أن يعلن أن العائلات صدفتْ عن عرض بناتها عليه بعد أن صار من الأدباء، فهل سمع الناس في الشرق أو في الغرب أن الأديب الفحل يُعجزه أن يقترن بمن يشاء من كرائم الملاح؟
على رِسْلك، أيها الأديب الحزين، فنحن أول طبقة تثق بها الأمة المصرية، وسنظل برعاية الله وسلطان الأدب في أعظم مكان.
زكي مبارك
لوبيا والبلاد العربية
فكرة صائبة ورأي سديد هذا الذي انتهى بتفكير الأستاذ الزيات بإصدار أعداد خاصة من مجلة الرسالة الغراء بالأقطار العربية تنويهاً بفضلها وتعريفاً بأهلها. وليست هذه الفكرة بجديدة على أستاذنا الكبير فقد سبق أن تنبهت إليها الرسالة في سنتها السابعة ولكن شاءت الظروف أن يمهل تنفيذها إلى أن بعثت من جديد؛ وقد وجدت ترحيباً من قراء العربية. وإنا ندعو الله أن يوفق الرسالة في خدمة البلاد العربية وبإصدارها لهذه الأعداد.
على أن الذي لفت نظرنا نحن معشر اللوبيين بهذه البلاد المناسبة هو ما كتبه الأستاذ