للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مزايا الزوجة الصالحة

فقالت الزوجة: قد يكون في شهادة الزوج لزوجه بعض الهوى الذي يميل ميزان الحكم، أو بعض الرضا الذي يُزيغ بصر الناقد

قال المحامي: ربما كان الهوى والرضا من شوائب الحكم في غير الزوج! فإن الغالب أن يُتهم الزوجان بعد طول العشرة، ودوام الخبرة، وسأم الخلاط، بقسوة العدل أو برقة الظلم في حكم أحدهما على الآخر. على أن صديقنا الدكتور لم يعدُ ما في نفوسنا جميعاً؛ وإنما المسألة الصريحة التي تطلب الجواب الصريح هي أنني عرفت من النساء من هن أوسع ثقافة وأرفع بيئة وأضخم ثروة وأكرم أسرة، ولكني لم أجد فيهن ما وجدت فيك من خلال الزوجة المرجوة التي تجمع حنان الأم وإخلاص الزوجة وبراعة القهرمانة ومهارة الطاهية وأناقة الحبيبة وثقافة الأديبة. فإذا لم تكن الثقافة أو البيئة أو الثروة أو الأسرة هي التي تكوِّن الفتاة على هذه المزايا فمن ترينه يكون؟

فقالت السيدة: إن أغلب في هذا الضرب من النساء أن يكون وليد الفطرة وربيب الطبيعة. وهو يكثر حيث يشتد التماسك ويقوى التضامن في الأسرة؛ لذلك تراه في القرى أكثر منه في المدن، وبين العامية أظهر منه بين الخاصة، وما دامت القسمة الطبيعية قائمة بين الشريكين الدائمين على أن يكون للزوجة البيت وللزوج ما وراءه، فإن هذه الخصائص الفطرية تنشأ في المرأة بحكم الضرورة، وتقوى بفعل المران، وتحكم بسلطان العادة. وليس التعليم والتمدين إلا ثقافاً وصقالاً لهذه الخصائص يقومانها ويرفعانها إلى المستوى الذي بلغه المجتمع. فإذا وجدت امرأة تجردت من هذه الشمائل كلها أو بعضها، فلا تشك في أن طبيعة الأنوثة قد فسدت لسبب من الأسباب، فغدت من شواذ الخَلق كالجمل المستنوق أو الناقة المستجملة

قال الفلاح: لقد كنت أتمثل في ذهني المرأة القروية حينما كنت تصفين ربة البيت. ولكني لم أستطع إقحامها في الحديث لأنها في رأي الجمهور عنوان الجهالة حتى سمعتك تقررين أن الزوجة الصالحة تكثر في القرية. والحق الذي يؤيده العيان أن الفلاحة تقوم على شئون البيت، وتنهض بأمور الأسرة، على المنهج الأعلى الذي رسمتِه في قولك واتبعِته في فعلك. والفرق بين القروية والمدنية هو الفرق بين بيت وبيت، وبيئة وبيئة، وحياة وحياة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>