للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وتجانس العقلية في المجتمع القروي يجعل مكان المرأة فيه أرفع، وسلطانها عليه أوسع، لتميزها عن الرجل في قوة النشاط ولطف الحيلة ويقظة الرأي

فقالت السيدة: ذلك يؤيد ما قلت من أن ربة البيت هي من صنع الضرورة والطبيعة، لا من صنع المدرسة والبيئة؛ والضرورة هي وجود البيت، والطبيعة هي توزيع العمل على حسب الاستعداد والقدرة. ولا أعني بالبيت المسكن، وإنما أعني به الأسرة. وللأسرة في النظام الاجتماعي مفهوم قلما يتضح في أكثر النفوس؛ فلا تظنوا أن قصور الخاصة بيوت تسكنها اُسر، إنما هي فنادق ينزلها أفراد. فللزوجين والأولاد غرف لا يدخلونها إلا وقت النوم، ومائدة لا يرونها إلا ساعة الأكل، وصالون لا يزورونه إلا يوم الاستقبال، ومرافق لا يعرفونها إلا عند الحاجة. أما القصر وما فيه ومن فيه ففي ذمة القهارمة والخدم. ومن المحال أن ينشأ في مثل هذه الجماعة المنتثرة سيدة تصلح لبيت، أو آنسة تصلح لزوج، وفي اعتقادي أن الكتّاب الذين يعادون المرأة المصرية بين رجلين: رجل أحبها ويريد بعدائها أن تتحدث عنه فهو خادع، ورجل كرهها لأنه عرفها في البيئات الممسوخة فهو مخدوع.

احمد حسن الزيات

<<  <  ج:
ص:  >  >>