وهل نخدم الوطن أو نحبه طائعين، حتى نمنّ عليه بالخدمة والحب؟
هيهات ثم هيهات!
إنما نحبّ مصر الغالية مأخوذين بسحرها الأّخاذ، ومفتونين بجمالها الفتّان وهل في الدنيا أكرم أو أجمل من مصر؟
إن مصر لم تبخل بالعيش على من يحارب الأدب والبيان، ولو شئت لقلت إن مصر تكرم أعداء الفكر والعقل تأسّياً بكرم الله، والكريم يُفِضل على الطفيليين بأغزر مما يفضل على المدعّوين
الدنيا في حرب، والقتال تدور رحاها حول الحدود المصرية، ومجلة الرسالة لا تجد قوتها من الورق إلا بشقّ النفس
وبالرغم من هذا وذاك فجذوة الفكر في اشتعال، وصوت مصر الأدبيّ في ارتفاع. والعاقبة للصابرين
الآن عرفتُك، يا وطني، عرفتُك
لا تستطيع الخطوب أن تُخرس بُلبلاً يغرّد في رياضك الّغناء، ولا يملك الدهر أن يُسكت صرير القلم في صحائفك البيضاء وطني
لو ظهرتْ أشراط الساعة، نذيراً بقيام القيامة، وخرست الألسنة وجفّت الأقلام، وشُغل المرء عن أخيه، وزوجته وبنيه، لرأيت من واجبي أن أرفع القلم لصوتك وقلمك، وأن أجعل آيتك في البيان خاتمة آيات الوجود