للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لازمة لحفظ تلك السيادة في الأبناء بعد الآباء. . . الخ) وعندئذ يبلغ العقاد بهذه اللمسة موضع الاقتناع من كل ذي طبع مستقيم

ويعيب بعض المتعصبين على النبي - عليه السلام - إقراره لقتل كعب بن الأشرف، ولم يكن وقت قتله محارباً بالسيف ويشبهون هذا بما عيب على نابليون من اختطاف الدوق دانجان. فما إن يعرض العقاد لهذا الاعتراض حتى يأخذه بضربة معلم فيقول: (الفارق عظيم بين الحالتين. لأن حروب الإسلام إنما هي حروب دعوة أو حروب عقيدة، وإنما هي في مصدرها وغايتها كفاح بين التوحيد والشرك أو بين الإلهية والوثنية، وليس وقوف الجيش أمام الجيش إلا سبيلاً من سبل الصراع في هذا الميدان. فليس في حالة سلم مع النبي إذن من يحاربه في صميم الدعوة الدينية، ويقصده بالطعن في لباب رسالته الإسلامية، وإن لم ينفر الناس لقتاله ولم يحرضهم على النكث بعهده. وإنما هو محارب في الميدان الأصيل ينتظر من أعدائه ما ينتظره المقاتل من المقاتلين. . . الخ) فتبلغ هذه اللمسة موضع الاقتناع ممن يقتنعون!

ويتحدث قوم عن قسوة محمد لأنه راح ينظر القتلى في ساحة الحرب بعد موقعة بدر، فيضرب العقاد ضربته على هذا الحديث بمثل هذه القوة في صفحات ٩٧، ٩٨، ٩٩، ١٠٠ وخلاصتها (أن الرجل الذي يرى الدم في المدنية العصرية غير الرجل الذي يرى الدم في حروب البادية على الإجمال. ونعني بها حياة الرعاة التي تتكرر فيها إراقة الدم كل يوم، وحياة القبائل التي كانت تغزو وتغزي في كثير من الأيام). . . وأنه كذلك (كان على أولئك الناقدين أن يشهدوا بدراً لينظروا بعين النبي إلى عواقب هذه الوقعة التي أوشكت أن تصبح الوقعة الحاسمة في تاريخ الإسلام)

وتلوك ألسنة أن محمداً كانت تستهويه لذائذ الحس ويتحدثون في هذا عن تعدد الزوجات. فيعرض العقاد لهذا بضربة من ضربات المعلم حين يقول: (حب المرأة لا معابة فيه. هذا هو سواء الفطرة لا مراء. وإنما المعابة أن يطغي هذا الحب حتى يخرج عن سوائه، وحتى يشغل المرء عن غرضه، وحتى يكلفه شططاً في طلابه، فهو عند ذلك مسخ للفطرة المستقيمة يعاب كما يعاب الجور في جميع الطباع فمن الذي يعلم ما صنع النبي في حياته، ثم يقع في روعه أن المرأة شغلته عن عمل كبير أو عن عمل صغير؟)

<<  <  ج:
ص:  >  >>