للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

نهرك، ومرارة بحرك. . .

وطني. . .!

إن المسيحية تؤرِّخ في كل أرض بميلاد المسيح، وفيك وحدك تؤرَّخ المسيحية بعذاب الشهداء، لأنك وطن المعاني!

وفي الإسلام مذاهب لا تجتمع في بلد إلا ذاق بعضها بأس بعض، وفيك وحدك تلتقي جميع المذاهب الإسلامية بلا بغي ولا عدوان، لأنك وطن الإخاء!

وطني. . .!

إن جنى أحدٌ على نفسه بالغباوة والدمامة، فجنايتك على نفسك هي ذكاؤك وجمالك، يا معترَك الذكاء والجمال في كل عصر وفي كل جيل

وطني. . .!

ماضيك أعظم وأضخم وأشهر من أن يحتاج إلى بيان، فما أنت في حاضرك، وهو ما أعرف وتعرف؟!

هل استطاعت الخطوب الثقال أن تطفئ أنوارك، أو تخمد نيرانك، أو تذبل ازهارك، أو تغيض أنهارك، أو تصدّك عن التحليق في سموات العلم والفكر والبيان؟

لو عانت كبار الشعوب معشار ما عانيتَ، يا وطني، لشالت كفتها في ميزان التاريخ، فكيف استطعت أنت برغم ما عانيت أن تظل مصدر العقل في الشرق، وأن تهتدي بنورك في اللغة والدين مئات الملايين؟

لا إله إلا الله ولا وطن إلا مصر!

ذلك نشيدي في حبك يا وطني، ولن تراني إلا حيث تحب، ولن يراني أعداؤك إلا حيث يكرهون، ولو زعموا أنهم في طهر ملائكة السماء!

الدول تحترب من أجلك، فكيف لا أحترب من أجلك؟ وكيف أهادن خصمائي فيك، وأنت صرحٌ أقام أساسه واهب الخلود؟!

في يدي حسامٌ هو قلمي، وفيه الحتف لأعدائك يا وطني، ولو استظهروا بجيوش البر والبحر والهواء. . . اللهم أعني على الوفاء بالعهد للوطن الغالي

زكي مبارك

<<  <  ج:
ص:  >  >>