لم يبق ريبٌ في أني مفتونٌ بوطني أعظم الفتون، ولهذه الفتنة أسبابٌ أهمُّها الشعور بأنه وطنٌ يمجد الذاتية، ويعين أهل الكرامة على الظفر بشرف الحرية والتفرد والاستقلال
وآيةُ ذلك أني قضيت من عمري ما قضيت في التمرد على أهل زماني، ولم أسمح لأحد بأن يأخذ بيدي في أي وقت، ولا رضيت بأن يكون زمامي في يد أي مخلوق، فكيف كانت العواقب؟
لم يضع مني شيء، ولا أُغلق في وجهي باب، ولا استجاز أحدٌ أن يتناسى أنني استغنيت بالله عن الناس. . . وهل أموت يوم أموت إلا بسبب الإفراط في الطعام والشراب؟
العزَّةُ لله ولرسوله وللمؤمنين، وقد أكرم الله مصر فجعل للروح المصري خصائص لم يَهَبْها لأحدٍ من الشعوب
ولتوضيح جزئية من جزئيات هذا المعنى الكليّ أقول:
كانت مصر أول أمة انتفعت بالإذاعة اللاسلكية بين أمم الشرق، وقد رأت مصر أن يكون (القرآن) فاتحة إذاعات الصباح، وريحانة إذاعات المساء
فماذا وقع؟
رأت جميع الأمم الإسلامية أن تلاوة (القرآن) شرطٌ في صحة الإذاعة اللاسلكية
ثم ماذا؟
ثم رأى الإنجليز والألمان والطليان والفرنسيين أن إذاعاتهم العربية لا تصح إلا إذا افتُتحت بالآيات القرآنية
فما معنى ذلك؟!
معناه أن (مصر) وضعت شريعة للإذاعة اللاسلكية باللغة العربية
ومعناه أن مصر هي صوت العروبة والإسلام في الشرق والغرب
وطني. . .!
إن سنبلة القمح في أرضك أعظم من أختها في أي أرض!
وإن لوزة القطن في أرضك أعظم من أختها في أي أرض!
وما سطعت الشمس في سماء بأقوى مما تسطع في سمائك، ولا ازدان رأس بأكاليل المجد الأصيل كما ازدان رأسك، ولا ضُربَ المثل بالحلاوة والمرارة قبل المأثور من حلاوة