١ - صحيح أن عبارة (ليس هناك) تشير حين يكون المدار حول الشعر إلى عجز من تقال فيه عن قول الشعر ونظمه، ولكن لا يمكن أن تشير إلى ذلك إذا كانّ المدار حول فن من فنون الشعر كالهجاء وحده أو المدح وحده، فإنها تشير حينئذ إلى عجز من تقال فيه عن هذا الفن وحده دون سواه. وهذه هي الحال بالضبط في القصة التي يرويها أبو الفرج، فإن رجلاً سأل الرسول أن يأذن لعلي كي يهجو قريشاً فقال له الرسول:(ليس هناك) أو (ليس عنده ذلك) أي ليس هو بالقادر على الهجاء
ويؤيد رأينا هذا أننا لا نجد في الصحيح من شعر علي بيتاً واحداً في الهجاء
ثم إنه لو لم يكن علي شاعراً حقاً لما سأل هذا الرجل الرسول أن يأذن لعلي بهجاء قريش، لأن سؤاله هذا مبني على علمه بأن علياً شاعر قادر على نظم القصيد.
٢ - إذا كان بعض الأقدمين شك في الأشعار المنسوبة إلى عليّ، فليس يمكن أن يكون هذا الشك حجة للامانس، لأن بعض الأقدمين أيضاً قال بأن علياً كان من الشعراء كما سبق أن بينّا
فعليّ إذن كان شاعراً، ولكن لا يمكن القول بأنه كان مكثراً، فهو كان في أغلب الظن مُقلاً، بدليل أنه لم يُرْو له شعر كثير في المراجع العربية المعتمدة؛ ولكننا على كل حال لا نسلم بأنه لم يقل غير بيتين كما يذكر ياقوت فيما سبق لأن نقلناه عنه وكما يذكر السيوطي فيما سبق أن نقلناه عنه كذلك. ونحن لا نسلم بهذا لأن المراجع العربية المعتمدة روت لنا أكثر من بيتين لعلي.