واستدل جمهور العلماء على أن اتساق السور كاتساق الآيات كلاهما توقيفي بأنه ورد في أحاديث كثيرة أن ترتيب بعض السور في عهد رسول الله هو عين ترتيبها في المصاحف التي نسخها زيد بأمر عثمان. . . منها ما رواه البخاري عن ابن مسعود يقول في بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء: أنهن من العتاق الأول، وهن من تلادي؛ فذكرها نسقاً كما أسفر ترتيبها في المصحف.
وروى البخاري أن عليه السلام كان إذا أوى إلى فراشه جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ (قل هو الله أحد) والمعوذتين، فذكرها مرتبة كما هي في المصحف. وروى مسلم أن صلى الله عليه وسلم قال اقرءوا الزهراوين: البقرة وآل عمران. فهذه الأحاديث وما شاكلها تدل على أن السور المذكورة فيها كان ترتيبها مسنداً إلى الرسول، فإذا أضفنا إلى ذلك أنه عليه السلام قرأ القرآن كله بمشهد من زيد بن ثابت، وأن زيداً اختاره أبو بكر لجمع القرآن لقوة الثقة به، وكذلك اختاره عثمان رئيساً لمن نسخوه في المصاحف، تبينا أن هذا الترتيب الذي عمله زيد هو ما علمه رسول الله. . . وهذا ما يطمئن إليه القلب، وهو ما جنح إليه جمهور العلماء. . .