- ألم تعلم أن محمدا ظهر أمره، وزهر نجمه، وكنا حسبناه شرارة ما تضيء إلا لتخمد، وخطباً ما ينزل إلا ليهون. ولكن خاب فألنا، فالركبان يتناقلون أنه استحوذ على ما بين مكة والمدينة؟ والناس يدخلون في دينه أفواجاً، وأخشى على اليمامة. منزلنا العتيد ومهد الجدود، أن يأخذها منا على غرة فنذل بعد عزة، ونبوء بالخسران المبين.
- وما بدا لك أن تفعل؟
- إن الحديد بالحديد يفلح، والدعوة بمثلها تقابل، له الشمال ولنا الجنوب. ليت شعري لم يكون النبي من مضر ولا يكون لربيعة نبي؟ قرب سمعك مني. لابد من الحيلة لقومك حتى يستقتلوا ويطيعوا، ولابد من السيطرة على قلوبهم حتى ينصاعوا، ولا يكون ذلك إلا بغزو عقولهم وخدعة عيونهم فلا يرون إلا ما نرى ولا يسمعون إلا ما نسمع.
- أذن فاعمل كيدك حتى تأينا بآيتك التي تبهر وتسحر
- ما تظنني عن هذا غافلا - بل إن فكري ليحلق في آفاق أبعد، وكيف أنصب قدرا قبل تهيئة الاثافي، ومثلي الذي جاب الآفاق وجال في الأسواق، ونفذ إلى ما وراء الحيرة والأنبار، واقتحم سواد فارس واجتمع بأوشابها، فوقف على ألاعيب فتيانها وكيد دهاتها واختلط بتجار الهند وعرف حكمتهم واستجلى شعوذتهم - لا يخلو من كيد وحيلة، فكم خدعة عندي يحسبها الأعراب معجزة، وكذبة يظنونها حقا!
- يا لك من داهية يا أبا ثمامة! وما وراءك بعد؟
- سأزعم النبوة كمحمد، وأدعي المعجزة، ولابد من ردء يصدقني ويشد أزري. وأظن فيك - بعد ما بلوتك - ذلك الرجل
- قد أجبت سؤلك. ما دام في ذلك مرضاة لحمى الجدود، وبر لرفاتهم، فماذا تريد أن أفعل؟
- تذيع في الناس أمري، وظهور رسالتي، وتحشدهم إلى دارك بعد غد. ليشهدوا آياتي أليس الموعد بقريب؟
- بلى، سيتم ذلك على أحسن حال. إلى اللقاء
هب الناس على دار (مجاعة بن مرارة)، وكانت رحبة الفناء ضمت ألوفاً من الأعراب