وهل من القليل أن يكون الطغيان المصري أخطر طغيان حاربه القرآن؟
وطنك، يا صديقي، مذكورٌ بمحاسنه ومساويه في جميع البلاد، وستُنسى أمم وشعوب، ولا يُنسى وطنك، لأنه معتَرك الرشد والغي، والهدى والضلال، في جميع الأجيال
وطنك هو الوطن، وبلادك هي البلاد
وطنك هو الميزان في القضاء، قضاء الأمس وقضاء اليوم، والنصر لمن يظفر بقلبك، فلمن قلبك؟
قلبك لوطنك، وعقلك لوطنك، وهواك لوطنك. فلا تشرك به أحداً، ولا يخطر في بالك أن في الدنيا جمالاً أنضر من جماله، أو حمَى أعزَّ من حماه، وإن تناوشه الطامعون من كل جانب، فسيظل وطنك وحدك، ولن يكون لأعدائه غير العذاب في ميادين القتال، وبئس النصيب!
أدر المذياع إلى أية جهة من جهات الأرض، فستسمع اسم مصر. . . وسائلْ شركات البرق في أي بلد من البلاد، فستخبرك عن مبلغ اهتمامها بأخبار مصر. . . واستطلع المكنون من ضمائر الزعماء والملوك، فسترى أن مصر مُنْيَة الجميع، وبين المُنْية والمَنِيَّة صِلات
هل تعرف الحكمة التي تقول: رُبَّ أكلة مَتعت أكلات تلك الأكلة في مصر، فما طمع فيها طامع إلا قصمت ظهره. ولا دخلها غاضب إلا كانت وبالاً عليه، ولو استفتيت التاريخ لأفتاك ثم أفتاك
كنت أشارك المنفلوطي في السخرية من قول مصطفى كامل:(لو لم أكن مصريًّا لتمنيت أن أكون مصريًّا)
واليوم أعرف أن المنفلوطي كان من المخطئين الخاطئين، وأن كلمة مصطفى كامل أصدق من الصدق وأصوب من الصواب
ذلك بأن مصر غنية من جميع النواحي، وعظيمة من جميع الجوانب، وليس فيها شبرٌ إلا وهو مبعث حياة أو مصدر تاريخ
وما اقتتلت الأهواء، ولا اشتجرت الآراء، ولا اعتركت القلوب، ولا انتضلت العقول بأقوى وأعنف وأخطر مما يثور فوق الأديم الصحيح لهذه البلاد
يوم كان السلطان لأهل الشرق كانت مصر أول أمة تقاوم طغيان الشرق