المبادئ القومية العربية وعززها. وكان يستظل بظل الزعيم العراقي حينئذ السيد طالب النقيب رئيس جمعية البصرة الإصلاحية الذي نشطه لإصدار جريدة النهضة فكان يصدرها مزاحم نفسه، فلما عطلها الاتحاديون الترك ولم يصدر منها سوى (١٢) عدداً وأمروا بالقبض على صاحبها فَرّ إلى البصرة ودخل في حمى السيد طالب النقيب
والمؤسسة العربية الثانية في العراق هي جمعية البصرة الإصلاحية التي أنشأها السيد طالب في مدينة البصرة، وقد كان يومئذ نائبها في مجلس النواب العثماني وأحد زعماء حزب الائتلاف، فانضم إليها عدد من كبير من رجالات البصرة وشبابها الناهض، كما انضم إليها أحرار العراق وزعماؤه المخلصون، فأصدرت جريدة النهضة في بغداد لتكون لسان حالها ولكنها لم تعش طويلاً كما قلنا. وحينما عقد مؤتمر باريس يوم الأربعاء في ١٨ يونيو عام ١٩١٣ في منتصف الساعة الثالثة بعد الظهر أبرق إليه في تلك الساعة السيد طالب الزعيم العراقي مؤيداً ومشجعاً، فخاف الترك العاقبة، ولذلك انتدبوا أحد رجالهم وهو القائمقام فريد بك وعينوه قائداً للبصرة، وناطوا به مهمة اغتيال السيد طالب؛ فجاء البصرة ومعه حاشية كبيرة فأسرع هذا وأرسل إليه من اغتاله. فرأى الترك أن من أرسل مصلحتهم الجنوح إلى المسالمة، فاستمالوا السيد طالب وأرسل إليه طلعت بك وزير الداخلية التركية يومئذ برقية مفرغة في قالب المجاملة، فأذاع على الأثر البيان التالي:(أعلن بكمال الفخر إلى عموم أهالي العراق (الولاية والملحقات) بأننا قد اتفقنا في أمر تشريك المساعي وكأننا روح واحدة، وجسد واحد، لأجل رفع شأن وشوكة حكومتنا السنية التي قدرت صداقتنا رسمياً، ولم يبق خلاف بيننا بأي صورة كانت، وقد زال ما كان من سوء التفاهم زوالاً قطعياً، وصرنا كتلة واحدة نعمل على سعادة دولتنا العلمية، ونسعى في محافظة وحدتنا العثمانية بكل قوانا حتى لا يبقى من فرد واحد، وللبيان حررت الكيفية وأعلنت في ٧ ربيع الأول سنة ١٣٣٢).
إلى هنا اكتفي اليوم بالبحث عن تطور (الفكرة العربية) وعن الجمعيات العراقية، وسأحاول في حديثي المقبل تصوير رجالات العراق الذين خدموا قضية العروبة، وحملوا رسالة (الوحدة العربية) وخاصة أولئك الذين اشتركوا في الثورتين: ثورة العراق وثورة الحجاز؛ وعملوا في الدولتين: دولة بغداد ودولة الشام، مع أقوالهم والوثائق والمستندات التاريخية