المقالات، في التغني بمزايا العهد الجديد، وانضم رجالهم ومفكروهم من عراقيين وسوريين وحجازيين إلى الاتحاديين موالين ومؤيدين لاعتقادهم أن دولتهم ستجدد شبابها وتسترد مقامها، وأن الأمة العربية ستنصف، وكرامتها ستصان.
ولكن حينما بدرت بوادر الخلاف العنصري بين العرب والترك تحول الحال، إذ ظهر أن الاتحاديين يسيرون على سياسة قومية سداها ولحمتها تعزيز الجامعة الطورانية وتأييدها، وأن الفكرة العربية قد عفا أثرها؛ لذلك أقفرت أنديتهم وتفرق أنصارهم، وضعف نفوذهم، كما تخلى عنهم نواب البلاد العربية المؤمنون بالعروبة وأنشئوا كتلة مستقلة اتحدت مع النواب المعارضين للاتحاديين؛ وختم هذا الدور بإعلان الحب البلقانية في خريف عام ١٩١٢؛ وتألفت في خلال هذه الفترة جمعيات عربية عديدة كما قلنا، في مصر، وبغداد، ودمشق، وبيروت، والآستانة، لحمل مشعل الفكرة العربية، وتأدية رسالة العروبة، وتعزيز شأن العرب، وبعث الوعي القومي العربي، فأثرت هذه الجمعيات أثراً بليغاً في تكوين (الرأي العام العربي) وإليها يرجع معظم الفضل في إنشائه وإعداده بالتعاون مع الصحافة العربية في مصر والعراق والشام والآستانة؛ فقد ساعدت على تنمية الشعور القومي وإيقاظه وبعثه، كما ساعد الشعراء العرب بقصائدهم الحماسية والكتاب والخطباء بدررهم النثرية على خلق النهضة الوطنية العربية الجديدة.
وأهم تلك المنظمات العربية التي تأسست يومئذ هي: جمعية الإخاء العربي، المنتدى الأدبي، الجمعية العربية، (الفتاة)، الجمعية القحطانية، العلم الأخضر، حزب اللامركزية، جمعية بيروت الإصلاحية، جمعية العهد، مؤتمر باريس العربي، الجامعة العربية، النادي الوطني في بغداد، وجمعية البصرة الإصلاحية. ونتحدث اليوم عن هاتين الأخيرين فقط لأنهما نشآ في العراق وعملا فيه
الجمعيات العراقية
أما المؤسسة العربية الأولى في العراق فهي النادي الوطني في بغداد فقد أنشئ في الزوراء عام ١٩١٣ على أثر تأسيس حزب اللامركزية في مصر ليكون فرعاً له، وكان رئيس هذا النادي مزاحم الباجة جي صاحب جريدة النهضة العراقية أول جريدة في العراق خدمت القضية العربية الكبرى. وانتسب إلى هذا النادي كثير من الشباب العراقي المثقف، فنشر