ولقد ساغ لي هذا التفكير لأني أقرب في نشأتي من أبناء جيلك مني إلى أهل الجيل الماضي؛ فأنا متوسطة بين الجيلين، ولست متقدمة في السن كما قد تتصورين يا عزيزتي هيلين. ولقد ربِّيت منذ طفولتي على هذه الحرية التي تذوَّقتِ أنت حلاوتها، ولكني تخليت عن كل ذلك لأبيك وأنا راضية مختارة لأن ثمة في الحياة ما هو أثمن من الحرية؛ وإني لأرجو لك أن تتخليْ مثلي عن حريتك، في اليوم الذي يلقاك من يستأهل منك هذه التضحية. . .
شكوى أولاً وأخيراً أنك حكمت عليّ قبل التجربة، وجعلتني هدفاً لهذا التحامل الذي مُنيتْ به (زوجات الآباء) منذ بدأت الحياة!
وأنا لا أود أن تطول بنا هذه الحال، وأعترف لك بأن حجرة رسمك المهجورة ومخدعك الخالي قد أوحشا بعدك وحشة لا يسعني التعبير عنها. أما تأثير ذلك على أبيك فإني أترك لك تقديره
وإذا كان يهمك أن تتأكدي من مبلغ صدقي وصراحتي في كل ما ذكرته لك، فما أشك في أنك تمنحيني الفرصة التي أدلل لك فيها على ذلك؛ وكل ما أتمناه أن تنزعي ثوب (التحامل) وتعودي - ولو إلى فترة محدودة - حتى يتبين لك كل شيء. ومن المحتمل أنك لن تتأثري كثيراً بما أعرضه عليك من صداقتي، أو لعلك تعدين من الحماقة أن تأمل زوجة الأب - اللفظة القاسية - احتلال ركن من قلب ابنة زوجها؛ وقد يكون كل ما عرضته عليك أموراً سلبية: لن أصنع كذا. . . لن أقول كذا. . . على أن أدلتي الإيجابية كلها تلتقي عند أبيك؛ فكلتانا - لو علمت - تعيش له أكثر مما تعيش لنفسها. وأنا أعترف لك بأني لا أستطيع أن أملأ فراغ غرفتيك، مهما يكن ما بذلته أو سأبذله
وثمة أمر آخر يزعجني؛ فمنذ عودتنا لم تمس يد حجرتيك بتهوية أو تنظيف، إذ لم أُردْ أن يلمس أشياءَك أحد سواك. وتركُ الحجرتين بهذه الحال إلى مدًى طويل مما لا يرضي ربَّة بيت. . . ولكنك تريْن من هذا مبلغ جهادي في سبيل الاحتفاظ بأشيائك على حالها
وقد يكون من غرائب المصادفة، إن لم يكن من الفأل السيئ، أن أخط اسمي الجديد لأول مرة (تعني لقب الزوجية) في ذيل مثل هذا الخطاب الذي تُلْجِئني إلى كتابته ظروف كتلك التي نحن فيها. . . وتقبلي تحيات صديقتك المخلصة: