للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- إن كان الشقاء هو ما تبتغين فقاسميني حظي، يا شجيرتي الغالية

- أنا أطلب الاستقلال

- حتى في الشقاء؟

- حتى في الشقاء، لأشعر بقوة الذاتية

- وهل تضعف الذاتية حين يتساقى المحبون كأس العذاب، شفةً إلى شفة، وقلباً إلى قلب؟

- أنت تحبني؟

- وأي حبّ؟ ألا تذكرين أنني سقيتك مرات كثيرة من دموعي؟

- متى كان ذلك؟

- إن ذلك يقع في كل يوم، وفي غفلة الجنّان، فأنت وليدة الحب والدمع، لا سليلة الماء والطين

- وكيف خصصتني بهذا البِرّ النفيس؟

- جمع بيننا اليتم القاسي، فأنت يتيمة في صحراء مصر الجديدة، وأنا يتيم في بيداء الوجود، ولن تظمأي ولن تجوعي وأنت في ضيافة قلبي وروحي، وما حبستك في سجن الزهرية إلا رغبة في أن يطول نعيمُك بالطفولة الغافية، أيتها اليتيمة العصماء. . . خذي حياتك أيتها الشجيرة من عطفي وحناني، فما لك بعدي أبٌ ولا أخٌ ولا صديق، أنا نصيبُك من دنياك كما كنت نصيبي من دنياي، وضلوعي هي زادك من القُوت إن عزّت الأقوات

- أكنتُ حقَّاً نصيبك من دنياك؟

- أنت الصديق الذي لم يتغّير في مدى سبع سنين، فأوراقُكِ أوراقك، ومَرآك مرآك، بفضل القانون

- أي قانون؟

- قانون الزهرية، يا بلهاء، فهو الذي حفظ عليك نعمة الشباب

- وتريد أن أظل يتيمة طول حياتي؟

- لا يوصَف باليتم غير الأطفال، فإن أبحتُك مُلوحة الأرض فلن تظفري بعد اليوم بملوحة دمعي، لأن الأرض ستصيرك بعد قليل مرأةً شمطاء

- سعادة القاصرين لا تقاس إلى شقاوة الراشدين

<<  <  ج:
ص:  >  >>