لنثبت به فؤادك) رداً على قول المشركين (لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة) فالآية صريحة في نزوله منجماً كان المقصود منه تثبيت فؤاد النبي عليه السلام ليتفرغ لتبليغ الدعوة المحمدية بعزيمة قوية وهمة متقدة وقلب مطمئن لا تساوره الأحزان ولا تحتل ساحته الهموم والأكدار التي تكسر شوكة العزيمة وتضعف قوة إرادة وتطفئ جذوة النشاط الملتهب وتقيد الإنسان عن السير إلى المثل الأعلى الذي يتوخاه في عمله، خصوصاً في مثل المهمة الكبرى التي يراد بها صقل طبائع النفوس وتهذيب الفطر الإنسانية وإصلاح ما فسد من أحوال الأمم، وتوجيه العالم البشري في طريق الهدى والرشاد ليصل إلى سعادة الدنيا والآخرة
والخلاصة أنك ترى مما تقدم ذكره أن تنجيم القرآن الكريم مع كونه مقتضى الحكمة الإلهية كان ضرورة حتمية لا محيص عنها، وأنه لو أنزل جملة واحدة ما أتى بالنتيجة المطلوبة منه في تلك الأمة التي كانت عريقة في الجهالة والهمجية
أما بعد فلعلي بهذه العجالة ألقيت ضوءاً على هذا البحث الذي ألفيته من المباحث الشاقة في التنقيب، الوعرة في المسالك، فجاريته على سرعته. وصادقته على علاته فطرقت حكم التنجيم، لأنها منه كالتكملة والذيل والعلة للمعلول. ولعل من الباحثين من يبحثه بحثاً غير ما بحثت، ويحرره تحريراً غير ما حررت؛ ولنا في ثقافتهم آمال كبار.