إلى أبيه وأعطاها لأبي الروس طالباً الحصول على الرد. فأخذها الساحر ووضعها وراء وساد الديوان، وبعد قليل رفع الوسادة وأراه أن رسالته اختفت وحلت محلها أخرى أخذها الشيخ الأمير وقرأها فوجد فها ردَّاً كاملاً على ما كتبه بخط صرحَّ بأنه خط أبيه، وأخباراً عن عائلته تبين له صحتها التامة بعيد عودته إلى القاهرة. وقد وقع أثناء زيارتي الأخيرة لمصر حادث سحري عجيب تدخلت فيه الحكومة وكان محل حديث الناس وتعجبهم في العاصمة كلها. وسأروي هذه الواقعة تماماً كما قصها عليَّ الكثيرون في القاهرة دون أن أحذف منها المبالغات التي دبجوا بها حديثهم، لا لأنني جاهل مبلغ صحتها فحسب، بل لأبين إلى أي حد عظيم يؤمن المصريون بالسحر
عُزل مصطفى الدجوي كبير الكتاب في مجلس القاضي من وظيفته، وحل مكانه آخر يسمى مصطفى كان صيرفياًّ. فأرسل الأول إلى الباشا التماساً لإعادته ثانية، إلا أنه مرض مرضاً شديداً قبل أن يصله رد. فاعتقد أن ذلك نتيجة سحر استخدمه مصطفى الصيرفي بكتابه شعوذة تسبب موته، ولذلك أرسل إلى الباشا مرة أخرى يتهم الصيرفي في بهذه الجريمة، فأحضر المتهم أمام الباشا فاعترف بفعله ودل على الساحر الذي استخدمه. ولما قبض على الساحر لم يستطيع إنكار التهمة، فسجن حتى ينجو الدجوي أو يموت، وأودع في حجرة صغيرة يتناوب حراستها حارسان - وهنا يبدأ القسم العجيب في القصة - عندما جن الليل، وبعد أن نام أحد الحارسين سمع الآخر صوت همهمة غريبة، فنظر من خصاص باب الحجرة، فرأى الساحر جالساً وسط الغرفة يدمدم ببعض كلمات لم يستطيع فهمها، وفي الحال انطفأت الشمعة التي كانت أمامه، وظهر في الوقت نفسه أربع شمعات أخرى في كل ركن من أركان الغرفة الغرفة، ثم وقف الساحر تجاه أحد الحوائط وضربة بجبهته ثلاثاً، وفي كل مرة كان الحائط ينفرج عن رجل يبدو أنه يخرج منها. ولم يلبث هؤلاء أن اختفوا بعد أن حدثهم الساحر قليلاً، وكذلك اختفت الشمعات الأربع، وعادت الشمعة الأولى وسط الغرفة مضيئة كما كانت قبلاً، ورجع الساحر إلى جلسته، وساد السكون. . . وهكذا أبطلت التعويذة التي كانت معدة لقتل الدجوي. ففي الصباح التالي شعر المريض بتحسن كبير بحيث توضأ وأقام صلاته. ومنذ ذلك الوقت تم شفاؤه سريعاً، وأعيد إلى وظيفته السابقة، ونفي الساحر من مصر. وقد نفى ساحر آخر بعد أيام قليلة لكتابته