وقد أثار فضولي في موضوع السحر بعيد قدومي إلى مصر حادث قصة عليّ مستر صولت قنصلنا العام؛ فقد سرقت من منزله أمتعة أتهم بسرقتها أحد خدمه. فاستدعى ساحراً مغربياً شهيراً ليحمل المذنب، إذا كان أحدهم مذنباً، إلى الاعتراف بذنبه. وحضر الساحر وقال إنه سيبين صورة اللص بحيث تبدو كاملة لأي صبي لم يبلغ سن المراهقة؛ وطلب من رب الدار أن يحضر أي ولد يختاره، وكان هناك عدة أولاد يعملون في حديقة مجاورة للمنزل، فدعي أحدهم لهذا الغرض. فرسم الساحر بالقلم على راحة يد الولد اليمني شكلاً هندسياً صب في وسطه ليلاً من الحبر؛ وطلب من الولد أن ينظر في الحبر بعزم؛ ثم حرق بعض البخور وعدة قصاصات من الورق كتب عليها تعاويذ؛ واستدعى في الوقت نفسه أشياء مختلفة تظهر في الحبر. وأعلن الولد أنه رأى هذه الأشياء وصورة المتهم أخيراً. فوصفه بقامته وهيئته وملبسة، وقال إنه عرفه، ونزل مباشرة إلى الحديقة وقبض على أحد العمال الذي اعترف أمام السيد بجرمه
وقد شوّقني الحديث السابق إلى مشاهدة حادث كهذا. ولكن لجهلي أسم الساحر ومكانه كنت عاجزاً عن الوصول إليه. على أنني علمت بعيد عودتي إلى إنجلترا أن هذا الساحر أشتهر بين السياح المتأخرين في مصر، وأنه يقيم في القاهرة، وأنه يسمى الشيخ عبد القادر المغربي. وقد أحضره جاري عثمان مترجم القنصلية البريطانية، بعيد قدومي الثاني إلى مصر. فضربت له موعداً ليثبت مهارته التي اشتهر بها. وحضر الساحر في الموعد المعين، قبل الظهر بساعتين تقريباً، ولكن كان يلوح عليه القلق وتطلع إلى السماء مراراً، ثم لا حظ أن الجو غير موافق. وكان اليوم عابساً كثير الضباب عاصف الهواء. وكانت التجربة قد عملت مع ثلاثة صبيان على التوالي، ولكنها لم تنجح تماماً مع أولهم وفشلت مع الآخرين. فقال الساحر إنه لا يستطيع أن يقوم اليوم بأكثر من ذلك، وأنه سيحضر مساء يوم ثانٍ. وقد حافظ على وعده وقرر أن الوقت ملائم؛ وأخذنا ندخن الشبك ونحتسي القهوة وهو يحدثني أحاديث مختلفة منتظرين جاري عثمان ليشاهد التجربة. والساحر جميل الشكل طويل القامة قوي البنية، وجهه أقرب إلى البياض، ولحيته شديدة السواد، رث الثياب أخضر العمة كبيرها، لانتسابه إلى النبي (ص) لطيف الحديث بلا تكلف. وقد