ثم أخذ الساحر إحدى قصاصات الورقة المكتوبة عليها الأدعية وأسقطها في المجمرة على الجمر والبخور الذي كان قد ملأ الغرفة بدخانه. وبينما كان يفعل ذلك أخذ يدمدم دمدمة لم تنقطع طول العملية إلا حينما كان يوجه للصبي سؤالاً أو يعرفه ما يجب قوله. ووضع في مقدمة طاقية الطبي الورقة المكتوبة فيها الآية القرآنية. وسأله عند ذلك إذا كان يرى شيئاً في الحبر، فأجابه بالنفي؛ ولكنه لم يلبث أن قال وهو يرتعش ويبدو أكثر خوفاً:(أرى رجلاً يكنس الأرض) فقال الساحر أخبرني بعد أن ينتهي من الكنس. فقال الصبي في الحال (لقد فعل). فقطع الساحر إذ ذاك دمدمته مرة أخرى ليسأل الصبي إذ كان يعرف ما هو البيرق؛ فلما رد بالإيجاب أمره أن يقول:(هات بيرقاً). ففعل الصبي ذلك ولم يلبث أن قال:(لقد أحضروا بيرقاً). فسأله الساحر (على أي لون هو؟). فأجاب الصبي أحمر. فقال له أطلب بيرقاً آخر. فلم يلبث أن قال إنه رأى بيرقاً آخر، وأنه اسود اللون. وبالطريقة نفسها قال الساحر للصبي أن يطلب ثالثاً ورابعاً وخامساً وسادساً وسابعاً. فقال الصبي إنها أحضرت على التوالي وأنها أبيض وأخضر واسود وأحمر وأزرق. فسأله الساحر حينئذ (كم بيرقاً أمامك الآن؟) فأجابه (سبعة). ووضع الساحر أثناء ذلك ثاني القصاصات المكتوبة عليها الأدعية وثالثها في المجمرة. وإذ كان يضيف لباناً وكزبرة مراراً فقد أصبح الدخان يؤلم العين. وعندما أخبره الصبي أن البيارق السبعة ظهرت له أمره أن يقول:(أحضر خيمة السلطان وانصبها) ففعل ذلك وقال بعد لحظة: (لقد أحضر بعض الرجال الخيمة وهي خيمة كبيرة خضراء وهم ينصبونها) ثم أضاف تواً (لقد نصبوها) فقال الساحر: (الآن مر الجنود بالحضور وبنصب معسكرهم حول خيمة السلطان) ففعل الصبي كما أمره وقال على الفور: (أرى عدداً عظيماً من الجنود بخيمهم. لقد نصبوا خيمهم). فقال له حينئذ أن يأمر الجنود بالاصطفاف. ولم يكد يأمرهم حتى قال إنهم اصطفوا. ووضع الساحر رابع القصاصات في الجمر وسريعاً ما ألحق بها الخامسة. وقال تواً:(قل للبعض أن يحضروا ثوراً) فاصدر الصبي الأمر وقال: (أرى ثوراً أحمر يسحبه رجال أربعة ويضربه ثلاثة) فقال له أن يأمرهم بذبحه وتقطيعه ووضع لحمه في أوعية وطهيه. ففعل كما أمره ووصف هذه العمليات كما تمت حسب الظاهر أمام عينه. فقال الساحر:(قل للجنود يأكلون) ففعل الولد