للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الطفل إذا نشأ غير سوي، واستولى عليه شعور بالنقص

وعندما يلخص إدلر نظريته يقول: (لا مندوحة من الاعتراف بأن طريقة السيكولوجية الفردية تبدأ وتنتهي بمشكلة النقص. . . فالنقص هو أساس الجهاد البشري والنجاح. غير أن الشعور بالنقص هو أساس جميع مشاكلنا النفسية. إن الفرد لم يجد هدفاً من الرفعة تعرض لشعوره بالنقص، وهذا الشعور يقوده إلى مخرج يخلصه من مواجهة الحياة، هذا المخرج هو الذي يدعى (مركب العظمة)؛ ولا يزيد هذا المركب عن كونه هدفاً عابثاً غير مفيد، يوهم بالرضا الذي يناله الإنسان من نجاح خيالي. . .)

وما دام الشعور بالنقص هذا هو أول ما تنحل إليه نظرية إدلر النفسية وآخره، فجدير بنا أن نبحث هذا الشعور بشيء من التفصيل:

الشعور بالنقص

فكما قد أسلفنا من قبل يبدأ الشعور بالنقص في الطفل من نقص أو ضعف في التركيب الجسماني، ومن الحرمان النفسي مهما كان نوعه. ويتوقف نوع الشعور على نوع الضعف أو على نوع الحرمان. ويشمل ذلك عوامل البيئة التي نشأ فيها الطفل، وخاصة طبائع الوالدين والناس المحيطين به وجميع الذين يؤثرون في تربيته أو الوضع الاقتصادي الذي ينشاً فيه

ومن البين المهم أن الطفل لا يقوى على العيش وحده حين يولد، ولذلك كان لا مناص له من أن يعتمد على غيره - عائلته - في مطلع حياته

واعتماده هو مبدأ إحساسه بالحاجة إلى غيره. وهذا الإحساس يستمر معه في الحياة؛ فمتى كبر وأضحى مستقلاً كان موضعه بالنسبة إلى المجتمع كما كان موضعه بالنسبة إلى عائلته وهو صغير؛ وبعبارة أخرى تنتقل حاجة الفرد إلى جماعة أكبر. ومن هنا يشعر الكبير بحاجة إلى الناس. وشعوره بالنقص يحمله على مواصلة العلاقة بالمجتمع. (فمبدأ الحياة الاجتماعية)، كما يقول إدلر (هو ضعف الفرد؛ واستمرار ضعفه بالنسبة للمجتمع يلزمه أن يكون اجتماعياً). وهذه الملاحظة مهمة من ناحيتين: أولاهما إشارتها إلى أن الإنسان اجتماعي بالطبع، والأخرى الإلماع إلى أن طمأنينة الفرد في المجتمع الذي يعيش فيه من أحق علاقات الشعور بالنقص كما سيجيء

<<  <  ج:
ص:  >  >>