آدم تزرعه فيقلعك)! وهؤلاء يحققون صدق هذا المثل أفظع تحقيق، فهم يقوّلونك ما لم تقل، ويذيعون عنك أغرب الأحاديث، وقولهم فيك مسموع، لأنهم عرفوك، ومن حق من عرفك أن يقول فيك ما يشاء
وما ضرَّني إلا الذين عرفتُهم ... جَزى الله خيراً كلَّ من لست أعرفُ
ما جزعك من غدر صديق؟ وما حزنُك من لؤم أليف؟ أنتَ أنتَ، ولن يكون بلاؤك بأولئك وهؤلاء غير سحابة صيف، ثم ترجع إلى إسباغ نعمائك على الجاحدين
تذكر يا غافل فضل الله عليك. تذكر أنه عصمك من الجحود حين أغناك عن الناس، والجحود رذيلة لا يتعرض لها غير المبتَلَيْن بتقبل إفضال المفضلين من أهل الكرم المطبوع أو المصنوع
أنت تتحدث كثيراً عن التأدب بأدب الله، فهل تأدبت بذلك الأدب الجميل؟
إن الله يسبغ نِعمه على الكافرين بعزته السامية. إن الله يعطي الملحدين أضعاف ما يعطي المؤمنين، كما يفعل الأب الرحيم حين يؤثِر الابن السقيم على الابن السليم، فما أنت وذلك الأدب الرفيع؟
وأراك تبدي وتعيد في أحاديث البر بأصدقائك، ولو ناقشوك لأفحموك، فما قبِلوا برِك إلا حين اطمأنوا إلى أنك رجلٌ كريم، والكريم غير منَّان
وما الوقت الذي تقول إنك أغدقته على الجاحدين من إخوانك؟ لقد دفعوا ثمن المعروف أضعافاً مضاعفة، لو كنت تنصف، دفعوه تحيات وابتسامات، وهي معان تفوق كرائم الأثمان، ودفعوا ما هو أعظم، لو كنت تعقل، فقد أشعروك بلسان المقال أو لسان الحال أنك رجلٌ نفَّاع، وذلك أعظم ما يوصف به أكابر الرجال
أنت تمن على أصدقائك؟ فماذا أبقيت للمتجرين بالأخلاق؟!
كان الظن أن تنسى جميلك إن كنت من أصحاب الجميل، ولكنك. . .
وهنا أفقتُ قليلاً فسألت نفسي عن سبب التفوه بذلك المن السخيف:
ماذا أكلت اليوم من الطعام؟ ومن لقيت من الناس؟
يجب أن أعرف ما وقع في يومي هذا، لأعرف سبب السخف الذي وقعت فيه حين مننت على معارفي وأصدقائي