للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

هذا الوصف على أن الشخص المذكور لا يزال ملازماً فراشه أو أنه مات. وقال الصبي إن وجهه مغطى، فقال له الساحر أن يأمر برفع الغطاء. ففعل ثم قال (إن وجهه شاحب، وله شاربان ولا لحية له) وهذا صحيح.

وقد استدعيت عدة أشخاص آخرين على التوالي ولكن أوصاف الولد لهم كانت ناقصة وإن لم تكن جميعها غير صحيحة. فكان كل وصف يبدو أقل وضوحاً عن السابق كما لو كان بصره يغشى شيئاً فشيئاً. فكان يلبث برهة أو أكثر قبل أن يستطيع أن يصف من يراهم. فقال الساحر إن من العبث إجراء التجربة معه؛ فجئ بصبي آخر ورسم المربع السحري على يده إلا أنه لم يستطيع رؤية شيء؛ فقال الساحر إنه فوق السن المناسبة.

أدهشتني هذه الأعمال تماماً، غير أنها خيبت ظني قليلاً لفشلها مرات في حضور بعض أصدقائي ومواطني. وقد سخر منها في إحدى هذه المناسبات إنجليزي من الحاضرين وقال: لا شيء يقنعه غير وصف صحيح لهيئة أبيه إذ كان على يقين من أن أحداً من الجالسين لا يعرف عنه شيئاً. فدعا الصبي والد الإنجليزي باسمه، ثم بين أنه يلبس الملابس الإفرنجية ويضع يده على رأسه، ويلبس منظاراً ويقف على قدم واحدة ويقيم الأخرى وراءه على نحو ما يفعل النازل من المقعد وكان الوصف دقيقاً من كل الوجوه. فقد كان وضع اليد على الرأس ناشئاً من صداع دائم، ووضع القدم من تصلب الركبة لسقوط الرجل عن ظهر حصانه أثناء الصيد. وقد أكد لي الحاضرون في هذه الجلسة أن الصبي أحكم الوصف في كل دعوة. ووصف الصبي مرة شكسبير شخصه وملبسه وصفاً دقيقاً. ويمكنني أن أضيف إلى ذلك عدة أحوال أخرى أثار فيها الساحر ذاته دهشة معارفي الرزناء من الإنجليز. وفي يوم آخر جهز الساحر، بعد أن قام بالتجربة بواسطة الصبي كالعادة، المرآة السحرية في يد إنجليزية شابة، فلم تكد تنظر فيها لحظة حتى قالت إنها ترى مكنسة تكنس الأرض دون أن يمسكها أحد. وتملكها الفزع فرفضت استئناف النظر

قررت هذه الوقائع بعضها من تجاربي الذاتية والبعض الآخر مما وصل إلى علمي عن قوم محترمين. وقد يظن القارئ أن الصبي كان يرى في كل مرة صوراً تنعكس في الحبر، أو أنه كان متفقاً مع الساحر، أو أنه يرشد بطريق الأسئلة. كل ذلك لم يكن. أما أنه لم يكن هناك اتفاق فقد تحققت من ذلك تحققاً مرضياً باختيار الصبي الذي قام بالعمل من بين

<<  <  ج:
ص:  >  >>