وأفخم، وهي جدران الدهور:
(أتيت أيها البصر الهادئ وتمزقت الظلمات ورجعت الأشباح إلى ظلماتها، واهتزت الأرض بالبشائر، وافترت الثغور!
(تحيات يا رائد السماء، إنّا لك خاشعون
(وإن الحياة لتبتسم بك يا كريم. وإن الماء ليتنفس بك يا واهب الأنفاس، وإن الزهرة لبك تزهر، وإن الوردة لبك تعطر، وإنها لتحيات إليك يا رائد السماء، وإنا لك لخاشعون!
(صورت نفسك فما لك مصور، وكذلك صورت في ملكك أول نهار، وخلقت نفس الصباح، ونفس الإنسان، وكل ما نماه عالم الإنسان
(حجبت سرك في النور الأعظم فلا يستشفه بصر مبصر، وإنا لنحييك يا رائد السماء، وإنا لك في سرك لخاشعون!
(يأيها الوليد القديم لكل نهار جديد، نستقبلك فنرقص فرحاً في كرامتك، ونحنو لك خاشعين!)
كانوا ينشدون هذا النشيد من وراء الجدران
كانوا ينشدونه بكل لسان، ويرسلونه إلى كل سمع، فلا يضيرهم أن يخذلهم لسان واحد في تلك اللحظة، وهو اللسان الذي لا يقول بعد الموت، ولا يخترق حجاب القبور
إيه أيتها التماثيل الضخام! فيم تتحدثين في تلك الجلسة وقد طالت بك آلاف السنين؟
كم قلت؟ وكم لم تقولي؟! وكم رأيت وكأنك ما رأيت؟ وكم غمرتك الرمال وأنت لا تحفلين، وغمرتك الأنوار وأنت لا تحفلين، وغمرتك الأنظار المستطلعات وأنت لا تحفلين. . . فيم احتفالك! وفيم صبرك وانتظارك؟ وإلام تجلسين؟ إلام إلام تجلسين؟!
قلت لأصحابي: هذه جلسة تاريخية ليس لها قرار، لأنها كلها قرار!
قال قائل منهم: طوبى لها قرارها! وطوبى لها هذه الجلسة التي اطمأنت إليها: لا حروب ولا أشجان، ولا أهواء ولا أضغان، ولا اكتراث للإنسان ولا لعالم الإنسان
قلت: على رسلك يا صاح. . . لو استطاعت أن تبتسم لكلامك لامتلأت أفواهها بالابتسام، ثم جلجلت بالضحك حتى ارتجت لها الهضاب والآكام.
أهذه التماثيل الضخام بمعزل عن الحروب والأشجان، وعن الأهواء والأضغان، وعن