فقلنا: وقد تمت المعجزة بحمد الله، واصطلح الطب والسحر لحظة في هذه الليلة بفضل الجهل بالأنباء. . . وللجهل فضله الذي لا ينكر في بعض الأحايين
ثم توالت الأنباء من هذا الطراز: كل مركب منحدر يعبر عن شئ كثير، بغير سؤال وجواب، وبغير اعتساف في التأويل والتعبير
وأسفرت ليلة الزجر والعيافة عن صباح مشرق كأوضح ما يكون صباح وتشرق شمس في سماء
ونظرنا. . . فماذا رأينا؟
عجيبة من عجائب التوفيقات: فقد رأينا على الشاطئ قبالتنا هيكل الصباح المشهور بين الهياكل المصرية، ورأيناه في اللحظة التي بُني لها، وأعدت محاريبه للقائها والامتلاء بشعاعها وضيائها: وهي لحظة الشروق
هذه مطالع هاتور
هذه محاريب أبي سمبل، وهذه تماثيلها الأربعة الفخام لا تسأم النظر إلى الدنيا في مجلسها، ولا تسأم الدنيا من النظر إليها
وهذا هو الوادي الذي قدسوه قبل ثلاثة آلاف سنة، وجعلوه حرماً لربته هاتور، ولأرباب كثيرين
فهي إذن ظلال الهيكل الساحر التي شملتنا في جو الزجر والعيافة منذ ألممنا بواديها ونحن لا ندري
وهي إذن بقية من كهانات سبقت جميع الكهانات، وأخذ منها الوادي أو هي قد أخذت من الوادي بنصيب
وكان تمام التوفيق أن نبيت الليل في جوارها ثم لا نطلع عليها إلا مع طلوع الصباح، وقد فضت له مغالقها وكشفت له محاريبها، وعانقته هنيهة عابرة في لجة من النور
وعبرنا صامتين
وأنصتنا وأطلنا الإنصات، لأننا نختلس السمع من وراء ثلاثة آلاف عام. وماذا يمنعنا أن ننصت فنسمع؟. . . ثلاثة آلاف عام لا تنأى بنا عن السمع في ذلك السكوت
كانوا يقولون في تلك اللحظة من وراء الجدران الضخام، ومن وراء جدران أضخم منها