وقد تضحك يا سيدي القارئ إذا علمت بما صنع عبد الله ابن العباس برجل جاء إليه فقال: أتقبّل منك الأُبُله بمائة ألف. فضربه ابن عباس مائة وصلبه حياً
من هذا نعلم إن الإسلام كان يبغض الالتزام كل البغض، ويحرمه كل التحريم. وإليك ما قال أبو يوسف في هذا الشأن يوصي به الخليفة هرون:
(ورأيت ألا تقبل شيئاً من السواد ولا غير السواد من البلاد فإن المتقبل (الملتزم) إذا كان في قبالته فضل عن الخراج عسف أهل الخراج وحمل عليهم ما لا يجب عليهم. وظلمهم وأخذهم بما يجحف بهم ليسلم مما دخل فيه. وفي ذلك وأمثاله خراب البلاد وهلاك الرعية. والمتقبل لا يبالي بهلاكهم بصلاح أمره في قبالته. ولعله أن يستفضل بعد ما يتقبل به فضلاً كثيراً، وليس يمكنه ذلك إلا بشدة منه على الرعية، وضرب لهم شديد، وإقامته لهم في الشمس، وتعليق الحجارة في الأعناق، وعذاب عظيم ينال أهل الخراج بما ليس يجب عليهم من الفساد الذي نهى الله عنه. إنما أمر الله أن يؤخذ منهم العفو، وليس يحل أن يكلفوا فوق طاقتهم. . .)
قاعدة الملاءمة
ويسميها بعض المؤلفين قاعدة الرفق والسهولة. يقول فيها آدم سميث: تجب جباية الضريبة في الزمان والمكان وبالطرق الأكثر ملاءمة للمكلف
وهذه القاعدة لم يكن معنياً بها كثيراً لدى الأمم القديمة، ذلك لأن علاقة المصلحة بين الحكومة والفرد لم تكن متبادلة
أما الحكومة الحديثة فقد بدأت تشعر بأهميتها في حياة الأمة، وبأثرها في الإنتاج العام. واليوم ينصح علماء المالية بأن الجباة يجب أن يذهبوا بأنفسهم إلى حيث يجبون الضريبة في الأماكن التي يختارها المكلف، وليس بجائز أن يتخذوا لهم المكان المطمئن ويأمرون المكلف بجلب الأموال إليهم وهم ناعمون. . .
والإسلام قد نظر في الأمر نفس هذه النظرة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام، ولا تؤخذ صدقات المسلمين إلا على مياههم وبأفنيتهم)
يقول الإمام القاسم بن سلام المتوفى سنة ٢٢٤ هجرية في شرح ذلك: (. . . لا ينبغي