وفي القرن الثاني عشر أخذ العلماء يفدون من الشمال، وعلى الأخص من إنجلترا، لزيارة الجامعات العربية في أسبانيا في سبيل تحصيل العلم، وكان أول كبير من هؤلاء هو الإنجليزي (أديلارد) من مدينة (باث) أحد رواد الثقافة العربية في الغرب
وقد ساح (أديلارد) في الربع الأول من القرن الثاني عشر في أسبانيا وسورية ودرس اللغة والعلوم العربية، وترجم كثيراً من الكتب العربية إلى اللاتينية لفائدة معاصريه من المسيحيين، واشتغل في عودته ترجماناً للملك هنري الثاني - ولم يصر بعد ملكاً - وكان قد أهدى إليه أحد كتبه أيضاً. ويتألف أهم كتبه وهو (القضايا الطبيعية) من حوار بينه وبين قريب له درس في الجامعات الفرنكية بينما درس (أديلارد) بين العرب. وعلى ذلك فأن الجدل الذي يقوم بين الاثنين يتطرق إلى المقابلة بين الدراستين، وقد قال في مقدمة كتابه هذا:(إني سأدافع عن قضية العرب، لا عن قضيتي) وشدد في نهاية كتابه على تفوق الطريقة العربية كما ساعد بنفوذه على نشرها في الغرب، فترجم عدداً من الكتب العربية في علم الهيئة والرياضيات وبذلك مد في نشر هذه العلوم في أوربا.
وقد اقتفى أثر (أديلارد) كثيرون من الإنجليز. فقد درس (روبرت) - وهو من أهالي جستر - في القرن الثاني عشر أيضاً، الرياضيات وترجم الكتب العربية. وهناك شخصية طريفة هي شخصية (دانيل مورلي) الذي يحدثنا عن نفسه أنه كان برماً بالجامعات الفرنكية فذهب إلى إسبانيا (في طلب أحكم الفلاسفة على وجه الأرض) على حد تعبيره، وقد عاد إلى إنجلترا بمجموعة كبيرة من الكتب التي لقيت جمهرة كبيرة من القراء. (وميخائيل سكوت) الذي درس - في القرن الثالث عشر - في صقلية وأتقى اللغتين العربية والعبرية، وترجم كتب أرسططاليس من اللغة العربية، وكان كثير منها قد تلقاه الغرب لأول مرة، كما أنه ترجم التعقيبات العربية على فلسفة أرسططاليس، وألف عدة كتب في علم التنجيم والكيمياء
ولقد كان عمل هؤلاء وغيرهم من الإنجليز المغامرين الذين زاروا بلاد العرب كبير الفائدة من الناحية الثقافية، فبفضل أعمالهم ذاعت آثار العرب الفلسفية والعلمية العظيمة في إنجلترا والغرب، وتقدمت الثقافة الأوربية خطوة كبيرة إلى الأمام. وكان التأثير الذي تركته كتبهم المترجمة والموضوعة عظيماً. وفي وسعنا أن نضع الفيلسوف الإنجليزي العظيم