للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأعاجيب؟

ولا يزال - هرميس - يصف لحورياته هذا الفنان حتى يستل من أفئدتهن كل سخيمة ويعدن راضيات عنه، مؤنسات بفنه، مغضيات عن عثراته. لأن عثرات الفنان بشائر للفن، والفنان نفسه يعبد المرأة - على ما تحمله إليه - لأنه كما يقول:

وكانت حياتي محض اتباع ... فصارت طرائف من فنها

وكان شبابي صمت القفار ... ورجع الهواتف من جنها

فعادت ليالي الصبا والهوى ... أرق المقاطع في لحنها

وأفرغت بؤسي في حضنها ... وأترعت كاسي من دنها

وهكذا تنتهي القطعة برحيل الشاعر، بعد أن ترك في حورياته نظرات العطف والابتسام

هذه هي القصيدة التي أهداها الشاعر خالصة لوجه الفن، سلسة التعبير، لينة القوافي، هائمة الألوان، ولن يغني عن قراءتها شيء من هذا الموجز المشوه الذي ذكرته، لأن القطعة الفنية لا تنقل

والذين يتذوقون الشعر المجرد، ويحبون الفن المجرد، سيستمعون في هذه القطعة خير لحن يجاوب ألحانهم، ويتذوقون منها أصفى سلسال يروي ظمأهم

حقاً إن هذه القصيدة طليعة تلك المواكب الجديدة الهائمة في تيه المرح والعذاب والحب، وستتلو هذه الأرواح أرواح، وهذه الأشباح أشباح، ما دامت هنالك قيثارة صافية النغم، ومخيلة مجردة الخيال، هي قيثارة ومخيلة ملاحنا التائه.

(حلب) - (الحديث)

خليل هنداوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>