للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحياة على المسرح تجري حارة في أوصال مضحكاته ومبكياته، رغم أنها فِكَرٌ مركزة، وصور مصغرة لما يجري في دنيانا، فماذا بنا إذن لو شاهدناها حقيقة واقعة على مسرح الحياة؟

إنها لمأساة وأية مأساة!!

هو اجتماعي زعيم نبض قلبه بحب الناس فوقف عليهم العمر دائباً يشتغل بحل عقدهم، فكم أنجى وأشقى. كان رحمة لم تحرمها أسرةٌ. أرشد وهدى، وهو في شغله وكدحه راض لسعيه، لا يطمع في غير جزاء الله الحسن، لكن الله اختار له سعادة الآخرة لا الأولى، فقاسى في حياته ما قاسى، مما يذيب النفس أسًى عليه وإشفاقاً. سيق سَوقاً إلى جحيم الحب فاكتوى بِحَرهَّ

لَبى نداء زوجته وراح ينقذ أختها. كانت تصغرها، وكان لها خطيب منذ صغرها شَبَّ فاجراً فسَّاقاً، وراح ينفق على قانصته من بنات الهوى باليمين وبالشمال. لكن أمَّهُ التي هي أصل جاهه ومصدر ثرائه، تريد خطيبة الصغر له زوجاً، وهو إن خالف أمه، فقد المالَ الذي من أجله يحُب، ومن أجله يحُترم. وإذ شكا الأمر إلى رفيقته الفاجرة، خشيت أن يفلت منها ذلك الصيد الثمين، فكادت ودبرت، وعمل هو بكيدها، فأقنع أمه بما جعلها هي نفسها ترجع عن تحقيق ذلك الزواج

لقد استغلا رقة عود تلك الخطيبة البريئة، وأشاعا عنها أنها مريضة بذلك المرض الذي تنفر الدنيا ممن يصاب به. . . السل. . . حرمت المسكينة إذن كل خطيب وفقدت الثقة بنفسها كانسان صحيح. وفقدان الثقة فيما يتعلق بهذين الأمرين هو اصل عقدة نفسها، واصل توهمها أنها مريضة، ذلك التوهم الذي خلق بالفعل علَّتَها.

لجأت الأخت الكبرى في ذلك إلى زوجها الإنساني الرحيم، مستنجدة متوسلة، عسى أن يفعل شيئاً لإنقاذ أختها البائسة التي تذوي سريعاً قبل أن يكمل ازدهارها. وعقدتها مزدوجة، وعلتها مشتركة. فحرمانها من الرجل في المرتبة الأولى وإن كان في تتابع الحوادث في المرتبة الثانية. لقد أرهقها فأضناها وهي الرقيقة التي لا تحتمل الضنى. أرهقها، فأعلها، بما ساعد على انتشار الإشاعة الخبيثة وزكاها. فالرجل داؤها، والرجل لا غير دواؤها.

المرأة كالعود الرطب، يينع وينضر ويفرع إذا ما تُعِهد فُغذَّى ورُوَّى بالأمل، وساقي ذلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>