وزارة المعارف، لأنه كان ناظر مدرسة القضاء الشرعي، وكانت تلك المدرسة تحت إشراف وزارة الحقانية، وكان مفهوماً أنها تملك في إنصاف الرجال ما لا تملك وزارة المعارف.
أما الشيخ عبد العزيز جاويش فلم يراع في منحه الدرجة الأولى أنه من أبناء دار العلوم، وإنما روعيت شخصيته العظيمة الفخيمة، وكان رجلاً ملء العين والقلب، وكان يتكلم الإنجليزية والألمانية والتركية بسهولة تستوجب الالتفات، وكان له في خدمة الوطنية تاريخ طويل عريض، فصار من الصعب أن تجعله وزارة المعارف في منزلة أي كبير من كبار الموظفين.
فكيف ظفر جاد المولى بك بالدرجة الأولى، وهو رجل لا يعرف غير عمله الرسمي وعمله الأدبي في هدوء وسكون، ولم يعرف عنه التقرب إلى هذا الحزب أو ذاك، ولو شئت لقلت إنه ضعيف الحيلة إلى أبعد الحدود؟ كيف ظفر بهذه الدرجة؟ كيف؟ كيف؟ وهو لا يرى وزير المعارف إلا إن دعاه للتشاور في بعض الشؤون، ولا يعرف من أندية القاهرة غير القهوة التي يَسمُر فيها مع بعض المفتشين بميدان الإسماعيلية في مساء كل خميس؟. . . تلك إلتفاتة نبيلة من الهلالي باشا أراد بها إعزاز اللغة العربية، ولعلها كرمٌ أضفاه الله على رجل يصلي ويصوم، في زمن جُهلت فيه آداب الصلاة والصيام عند بعض الكبار من الموظفين زاده الله فلاَحاً إلى فلاَح.