أثناء غيبته تلك التي اعتاد أن يتغيبها طول شهر رمضان من كل سنة
ولا يرد ما يؤيد هذه الرواية في كتاب حنا النقيوسي
وإذا صح ما ترويه هذه الرواية العربية من وقوع مفاوضة في ذلك الوقت في حصن بابليون، فليس من شك في أنها كانت بين عمرو من ناحية، والمقوقس من ناحية ثانية كما يقول ابن الحكم، لا بين عمرو وأرسطوليس كما يزعم الواقدي. ونحن نرفض ما يقوله الواقدي لسببين جوهريين: الأول أننا لم نلتق بهذا الاسم (ارسطوليس) فيما قرأناه من سائر الكتب التي تتحدث عن وقائع الفتح. والثاني أن المقوقس توفي في ٢١ مارس ٦٤٢ (بتلر ص ٣١٣) في حين أن الحصن سلم للعرب في ٩ إبريل سنة ٦٤١ (بتلر ص ٣٢٨)، فليس صحيحاً إذن أن المقوقس قتل قبل تسليم الحصن. ويخيل إلينا أن الواقدي قال بوقوع المفاوضة بين عمرو وأرسطوليس لا المقوقس، لأنه كان يعتقد في حب المقوقس للعرب، وإيمانه بدعوتهم، وتصديقه لرسولهم، صلوات الله عليه ونقده لما جاء به بولص (الواقدي ص ٢٤ و٢٧) فلا يكون من طبائع الأشياء إذن أن يحاول اغتيال عمرو قائد العرب، وإنما يلزم أن يكون غيره هو الذي دبر هذه المكيدة.
على أن الأستاذ بتلر يرفض هذه الرواية فيقول (تعليق ٣ ص ٢٢٣): (ولا تشك في تكذيب هذه الرواية ووصفها بأنها اختلاق ووهم، ونقول هنا إن هذه القصة نفسها قد ذكرها (ابن بطريق) عن غزة في فلسطين)
ونحن، اعتماداً على ما يلقيه الأستاذ بتلر على هذه الرواية من ظلال الشك، نرفض هذه الرواية كذلك أو نشك فيها على الأقل، وواضح جداً أن القصة التي تقصها إنما وضعت للتدليل على دهاء عمرو وسعة حيلته.