للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

العشق فأبكى القلوب الميتة كما بكى هو من الهجر والضنى، وإن شاء أودع الرياح أسراراً تحملها إلى سوالف حبيبته. إن البحار صورة حية للحرية، لكنها تبدو له أحياناً كأنها أسرى مقيدة بسلاسل أمواجها؛ وإنه ليستنشق النسيم فيتحول في صدره إلى زفرات تترنم بالأنين. لو شاهدت ألهامه لرأيت عالماً آخر. العالم بلا حبيبة هو - عنده - عالم لا وجود له! ومن هي حبيبته؟ وماهي. سر مجهول!! في عينيه ظلال لا تزول حتى في الظلام. نظراته غاسقة كأنها ممتلئة بألوان حسناء سمراء. وهو يرسل هذه النظرات إلى النيل فيخيل إلى غرامه غارق في لجه، فهو يبقى على ضفافه ساهراً ساهداً لعل الحباب يتحدث بغرامه؛ والدموع تنحدر من مقلتيه في محاذاته كأنها تسيل وراء شعر حسناته المسترسل في مجراه. . .! لقد اتخذ وادي النيل معبداً لعبقريته، كأنه أفق يشرف على حدود الدهر المطلقة، والقارئ أمامه كذرة لا يدري ما هو هذا العالم، ولا يدرك ما هي هذه الأفلاك؟

عثمان علي عسل

<<  <  ج:
ص:  >  >>